هل غلب على ظنّ الحسين “ع” القتل؟!

27 سبتمبر 2017
1365
ميثاق العسر

#في ذيل تفسيره للآية الخامسة والتّسعين بعد المئة من سورة البقرة القائلة: “ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة وأحسنوا إنّ الله يحبّ المحسنين” نصّ الطّبرسي صاحب تفسير مجمع البيان المتوفّى سنة: “548هـ” على دلالة هذه الآية: [1] على تحريم الإقدام على ما يُخاف منه على النفس، [2] وعلى جواز ترك الأمر بالمعروف عند الخوف؛ لأنّ في […]


#في ذيل تفسيره للآية الخامسة والتّسعين بعد المئة من سورة البقرة القائلة: “ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة وأحسنوا إنّ الله يحبّ المحسنين” نصّ الطّبرسي صاحب تفسير مجمع البيان المتوفّى سنة: “548هـ” على دلالة هذه الآية:
[1] على تحريم الإقدام على ما يُخاف منه على النفس،
[2] وعلى جواز ترك الأمر بالمعروف عند الخوف؛ لأنّ في ذلك إلقاء النفس إلى التهلكة.
[3] وفيها دلالة على جواز الصلح مع الكفار والبغاة إذا خاف الإمام على نفسه أو على المسلمين، كما فعله:
[أ] رسول الله “ص” عام الحديبية.
[ب] وفعله أمير المؤمنين “ع” بصفين.
[ج] وفعله الحسن “ع” مع معاوية من المصالحة؛ لما تشتت أمره وخاف على نفسه وشيعته». [مجمع البيان: ج2، ص516].
#وبعد أن أورد الطّبرسي البيان أعلاه ـ سواء اتّفقنا معه أم لا ـ طرح إشكال موقف الحسين ع المعارض لهذه الآية للوهلة الأولى فقال: «فإن عورضنا بأن الحسين “ع” قاتل وحده فالجواب:
#أن فعله [“ع”] يحتمل وجهين:
#أحدهما: أنّه ظن أنّهم لا يقتلونه؛ لمكانه من رسول الله “ص”.
#والآخر: أنّه غلب على ظنّه أنه لو ترك قتالهم قتله الملعون ابن زياد صبراً، كما فعل بابن عمه مسلم، فكان القتل مع عزّ النفس والجهاد أهون عليه». [المصدر السّابق، نفس المعطيات].
#أقول: لماذا لم ينصّ الطّبرسي وهو الّذي عاش بعد خمسة قرون تقريباً من واقعة كربلاء على إنّ للحسين تكليفاً خاصّاً به يُخرجه من عموم هذه الآية وإنّه مأمور بالخروج بهذه الصّيغة الكربلائيّة المعروفة من دون أخذ هذه الآية القرآنيّة والآليّات الطّبيعيّة بعين الاعتبار؟! أ لم تمرّ عليه النّصوص الرّوائيّة والتّاريخيّة الّتي أوردها ابن طاووس من بعد وفاته بنصف قرن أو أكثر والدّالة على إنّ خروج الحسين “ع” كان ينطلق من تكليف إلهيّ خاصّ به فقط يميّزه عن جدّه وأبيه وأخيه وبقيّة أولاده “ع”؟! وفي الحقيقة إنّ غرضي من هذه الإثارات هو تنبيهك أنت الشّيعي إلى إنّ الأفق الفكري لمرحلة ما قبل ابن طاووس لم يكن يفهم من حركة الحسين “ع” ما تفهمه أنت في هذا القرن، بل لم تكن مثل هذه النّصوص المتأخّرة حاضرة أو متداولة أو مقبولة عند فقهاء ومتكلّمي ومفسّري تلك المرحلة أصلاً، وهذا ما يستدعي التّأمّل كثيراً كثيراً بعد خلع النّظارة المذهبيّة المقيتة.
#وأخيراً وليس آخراً أقول للطّبرسي وهو في عليائه: إنّنا نعيش في زمان يُعدّ مجرّد التّفكير في الاحتمالين الّذين طرحتهما موجباً لخروج الإنسان من المذهب، ولو كنت حاضراً معنا زماننا لكنت أوّل الخارجين والضّالين والمرتدّين؛ لأنّ الغلو أصبح هو الفصل المقوّم للشّيعي الموالي في هذه الأزمان، وإنّ اقتلاع هذا الغلو من جذوره يُعدّ من المستحيلات دون تدخلّ العنايات الغيبيّة وتقادم الزّمان، والله من وراء القصد.


تنطلق إجابات المركز من رؤية مقاصدية للدين، لا تجعله طلسماً مطلقاً لا يفهمه أحد من البشرية التي جاء من أجلها، ولا تميّعه بطريقةٍ تتجافى مع مبادئه وأطره وأهدافه... تضع مصادره بين أيديها مستلّةً فهماً عقلانياً ممنهجاً... لتثير بذلك دفائن العقول...