#لا شكّ في أنّ المرحوم محمّد تقي مصباح اليزدي يُعدّ من أفضل المعاصرين في تدريس وشرح وتفكيك عبارات التّراث الفلسفي لابن سينا وصدر الدّين الشّيرازي والطّباطبائي والوقوف على دقائقها، بل يُعدّ في تقديري أفضلهم إذا ما لحظنا استيعابه لعموم هذا التّراث؛ فدرسه يتمتّع بوضوح البيان، وسلاسة العبارة، وعدم الاستطراد والتّكرار، وتعليقته على كتاب نهاية الحكمة تستحقّ التّقدير والاحترام، وقد استفدت من بعض دروسه المسجّلة في هذا المضمار، كما استفاد رعيل كبير من الأساتذة والطّلاب من نتاجه في هذا المجال، فلله درّه وعليه أجره.
#لكنّ المؤسف أنّ المرحوم مصباح حينما يدخل على علوم الحديث والفقه وأضرابها من العلوم الّتي لا قاسم مشترك بينها وبين تخصّصه الأصلي واهتماماته يرتجل كثيراً، ويتحدّث بشكل بسيط وبدائي ومن غير مراجعة ولا فحص أيضاً، والأخطر من ذلك كلّه: أن يوظّف أدواته الفلسفيّة في تقعيد جملة من المفاهيم والنّصوص المذهبيّة الفاسدة والتّنظير لها؛ فينتج إثر ذلك كوارث معرفيّة ـ بل وغيرها أيضاً ـ ممّا لا تُحمد عقباها.
#أتمنّى أن نقيّم التّجارب بعيداً عن العاطفة، ونضع الأمور في نصابها الحقيقيّ والتّام، وألّا نبخس النّاس أشياءهم، فالإنسان المتخصّص يُحفظ له اختصاصه وتُقدّر له جهوده في ميدانه ولا ينبغي نكرانها، ولكنّ علينا ألّا نغترّ فنحسب أنّ إتقان الدّرس الفلسفي كاف لمنح صاحبه صلاحيّة الدّخول في ميادين الحديث والفقه وتصحيح المنحولات والموضوعات وتقديم استظهارات من نوعٍ خاصّ؛ فهذه حقول منفصلة لا يوجد قاسم مشترك بينها عادة، والتخصّص في إحداها لا ينفع في الأخرى، فليُتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
https://www.facebook.com/jamkirann/posts/3448604075261892