محمّد الصّدر: الإمام يفعل المكروهات أحياناً!!

#يرى المرحوم الشّهيد محمّد الصّدر بأنّ الإمام قد يضطرّ أحياناً إلى ارتكاب بعض الصّعوبات الأخلاقيّة في سبيل تقديم برهان عمليّ على جوازها، وأفاد في مجلس درسه الفقهي بأنّ: المعصومين يعملون حتّى بعض المباحات، وحتّى بعض المكروهات، وحتّى بعض المرجوحات، ويتركون بعض المستحبّات من أجل الإيعاز عمليّاً بجوازها، وعدّ ذلك من أنواع الدّعوة إلى الله تعالى بأعمالهم، ولأجل تقريب وجهة نظره ضرب مثلاً بنقل مضمون الرّواية الّتي أخرجها الكليني والصّدوق في الكافي والفقيه، والّتي نصّت على أنّ الباقر “ع” وضع النّورة على عورته ولم يأتزر بـ “وزرة” أصلاً، واستنكر عليه أحدهم ذلك لتنافيه مع ما قرّره سابقاً من ضرورة ستر العورة، فأجابه: بأنّ النّورة سترة لها. [الكافي: ج6، ص497؛ الفقيه: ج1، ص117].
#وفي الحقيقة أنّ هذا الّلون من الإغراق في التّأويليّة لا مبرّر له سوى المنطلقات الكلاميّة الّتي يسوّر الباحث نفسه بها وهو يقرأ مثل هذه الحكايات عن حمامات تلك الأزمنة وشخوصها، ويُريد في الوقت نفسه أن يجعل عموم نصوص وأفعال الأئمّة المعروفين في سلّة واحدة، ويحاكم نصوص وأفعال المتقدّم بمثيلتها عند المتوسّط أو المتأخّر أو العكس رغم الاختلاف الزّمانيّ الكبير الّذي ولّد وعياً مجتمعيّاً مؤثّراً على الأفراد مهما فرضنا عليهم من قيود كلاميّة.
#والصّحيح في رأينا هو: الابتعاد عن الهروب إلى الأمام وإسقاط هذه النّصوص بذرائع بعديّة، والابتعاد أيضاً عن تأويلها بمقولات كلاميّة بعديّة أيضاً، ومحاكمة نصوص وسلوك وسيرة كلّ إمام بمعزل عمّن قبله أو بعده، ووضعها في ظروفها وإطارها الطّبيعي الّذي ولدت فيه، فليُتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر