#يرى المحدّث النوري “1838ـ1903م” صاحب آخر موسوعة حديثيّة شيعيّة [مستدرك الوسائل]: إن السبب الذي يكمن وراء عدم استجابة الدّعاء تحت قبّة الحسين “ع” في أعصارنا هو الكذب والدجل الذي يمارسه الخطباء والوعّاظ والملالي في صحنه الشريف والمبارك. جاء ذلك في كتابه المهمّ الذي تناول فيه بعض الأكاذيب التي تنتشر على المنابر وأصبحت جزءاً من الثقافة […]
#يرى المحدّث النوري “1838ـ1903م” صاحب آخر موسوعة حديثيّة شيعيّة [مستدرك الوسائل]: إن السبب الذي يكمن وراء عدم استجابة الدّعاء تحت قبّة الحسين “ع” في أعصارنا هو الكذب والدجل الذي يمارسه الخطباء والوعّاظ والملالي في صحنه الشريف والمبارك. جاء ذلك في كتابه المهمّ الذي تناول فيه بعض الأكاذيب التي تنتشر على المنابر وأصبحت جزءاً من الثقافة الشيعيّة المعاصرة من دون أن يكون لها أصل ولا فصل في الموروث الروائي، الكتاب الذي كتبه بالّلغة الفارسيّة وأطلق عليه عنوان: “الّلؤلو والمرجان”، والذي كتبه استجابة لأحد علماء الهند الذي شكا إليه كذب الخطباء ومنشدي المراثي في بلده؛ حيث يجرؤون على الكذب، ويصرّون على نشر الأكاذيب والأباطيل، بل إنّهم كادوا أن يجوّزوها ويعتبروها مباحة وخارجة عن دائرة العصيان والقبح لأنّها سبب لإبكاء المؤمنين!! فطلب من النوري أن يكتب شيئاً في هذا المجال على سبيل الموعظة والجدال بالّتي هي أحسن؛ علّها تؤدّي إلى تنبيههم وكفّهم عن هذه القبائح على حدّ تعبيره.
#لكن المحدّث النوري نصّ على إن هذا السيّد الجليل حسب إن مُدننا المقدّسة في العراق وإيران آمنة من هذه المصيبة، وإنّ تلابيب عفّتها غير ملوّثة بالكذب والافتراء، وأنّ هذا الفساد الدّيني منحصر في تلك البلاد، وقد غفل عن “إن نشر هذا الخراب من منبعه وانتشاره في كلّ مكان إنّما يؤول سببه إلى مركز العلم وحوزة أهل الشرع في العتبات المشرّفة؛ ولو إنّ أهل العلم لم يتسامحوا في ذلك وميّزوا الصحيح من السقيم والصدق من الكذب في كلام هذه الطائفة ونهوا عن قول الأكاذيب لما بلغ الفساد هذا المبلغ، ولم يصلوا إلى هذا الحدّ من عدم الخوف والجرأة، ولم ينشروا مثل هذه الأكاذيب الواضحة والمعلومة، ولم يصل الحال بمذهب الإماميّة الحقّ وأهله إلى هذه الدرجة من السخرية والاستهزاء، كما لم يصل الحال بهذه المجالس الشريفة إلى هذا الحدّ من سلب رونقيّتها وبركتها”. [ص2].
#وفي آخر هذا الكتاب يصل بنا المحدّث النوري إلى حقيقة خطيرة حيث يقول ما ترجمته: “ومجمل القول: إن سكوت المتمكّنين يؤدّي إلى تجرّؤ ولا مبالاة هذه الطائفة العديمة الإنصاف حتّى في المراقد الشريفة، وخاصّة في مشهد سيّد الشهداء (أرواحنا وأرواح العالمين له الفداء)…؛ فإنّهم يعمدون في غالب الأوقات ـ وخاصّة الأسحار التي هي أوقات البكاء والعويل والاستغفار ـ إلى أنواع الأكاذيب العجيبة، وأحياناً الألحان المطربة، ليلقوا بأجواء قاتمة على ذلك الحرم النوراني، فيخرجوا بذلك أفواج ملائكة الرحمة… من هذا المكان، ويلهون عباد الله عن العبادة والإنابة والتضرّع، فهم داخلون في زمرة الصادّين عن سبيل الله، ومع هذا كلّه فلا نجد منعاً لأمثالهم!!”.
#ولم يكتف المحدّث النوري بهذا كلّه بل كشف عن لوعته قائلاً: “وعلاوة على ذلك نراهم يستغربون أحياناً من عدم استجابة الدّعاء تحت قبّة الحسين “ع” السامية، ولم يعلموا إنّه لم تبق قبّةٌ، ولا حرمٌ، ولا ملكٌ، ولا فيضٌ، بل تحوّل إلى ملعبٍ وملهى ومكسبٍ لبعضهم، تارة للاتّجار بمال الدنيا، وأخرى للاتّجار بالأمور الدينيّة، وإن فساد هذه الطائفة سرى إلى الآخرين؛ إذ يعمد أصحاب الأساطير إلى افتراش بساط الحكايات والدجل في الصحن الشريف مدّة من الزمن، فيَظَلّوا ثلاث ساعات يَقُصّوا حكايات طويلة معلومة وواضحة الكذب إلى البلطجيّة الذين اجتمعوا حولهم. ولو إنّ هذا المحفل القذر والقبيح ـ الذي هو محل سخط ربّ الجلالة الجبّار المنتقم ـ قد انعقد في صحراء بعيدة مقفرة وجب على المسلمين تفريقه والحيلولة دون وقوعه، فكيف إذا كان في الصحن الشريف…؟!”.
#أجل يختتم أستاذ صاحب الذريعة وصاحب مفاتيح الجنان كتابه بأمنية ينبغي علينا التفكير كثيراً في حقيقتها وأسبابها فيقول: #كان الأجدر بأرباب العلم والبصيرة أن يعقدوا المجالس على هذه المصائب الجديدة التي حلّت بأبي عبد الله الحسين “ع”، فيطلبوا من إنسان متديّن محترق القلب أن يقرأ تعزيةً في مجالس أهل التقوى والدين والغيرة على هذه المصائب التي وقعت على وجوده المبارك من قبل الزائر والمجاور والخادم والحامل لعلومه والمتعبّدين والأنذال والأتباع وغيرهم بأنواعها وأقسامها في الّليل والنهار، فيتألّموا ويبكوا ويطلبوا من الله تعالى أن يعجّل في فرج وظهور السلطان ناشر العدل والأمان، وباسط الفضل والإحسان، وقامع الكفر والنفاق والعدوان، الّلهم عجّل فرجه وسهّل مخرجه، وصلّ عليه وعلى آبائه الغرّ البررة”. [ص216ـ218].