كرامة الميّت والنّقل إلى مراقد المعصومين “ع”!!

18 أغسطس 2017
1380
ميثاق العسر

#بعد أن أفتى السيّد اليزدي صاحب العروة “1337هـ” بكراهة نقل الميّت من بلد موته إلى بلد آخر، عاد ليستثني من ذلك صورة النّقل إلى المشاهد المشرّفة والأماكن المقدّسة والمواضع المحترمة حسب وصفه كالنّقل إلى النّجف مثلاً، مقرّراً بصريح العبارة: إنّ الدّفن فيه يدفع عذاب القبر وسؤال الملكين… [!!]، وبعد أن فرّع فروعاً على هذه المسألة […]


#بعد أن أفتى السيّد اليزدي صاحب العروة “1337هـ” بكراهة نقل الميّت من بلد موته إلى بلد آخر، عاد ليستثني من ذلك صورة النّقل إلى المشاهد المشرّفة والأماكن المقدّسة والمواضع المحترمة حسب وصفه كالنّقل إلى النّجف مثلاً، مقرّراً بصريح العبارة: إنّ الدّفن فيه يدفع عذاب القبر وسؤال الملكين… [!!]، وبعد أن فرّع فروعاً على هذه المسألة أوقع الكلام بعد ذلك في سعة دائرة جواز النّقل؛ بمعنى: هل يجوز النّقل حتّى إذا تفسّخ بدن الميّت أم لا يجوز ذلك؟! فقال: «… لا يبعد جواز النقل‌ إلى المشاهد المشرّفة وإن استلزم فساد الميّت إذا لم يوجب أذيّة المسلمين؛ فإنّ من تمسّك بهم فاز، ومن أتاهم فقد نجا، ومن لجأ إليهم آمن ومن اعتصم بهم فقد اعتصم بالله تعالى، والمتوسّل بهم غير خائب صلوات الله عليهم أجمعين». [العروة الوثقى: ج1، ص447].
#ولا تستغرب من هذا الكلام ولا من دليله المذهبي؛ فقبله بما يربو على قرن من الزّمن أفتى المرحوم جعفر كاشف الغطاء المتوفّى سنة: “1228هـ” بجواز النّقل إلى المشاهد المشرّفة بل إلى مقابر المؤمنين أيضاً حتّى وإن توقّف على تقطيعه أرباً أرباً، «كلّاً أو بعضاً، عظماً مجرّداً أو لحماً منفرداً أو مجتمعاً مع العظم بعد الدفن وقبله؛ ولا بأس بشقّ بطنه والتمثيل به إذا توقّف النقل عليه» [كشف الغطاء: ج2، ص256].
#وربّما تستغرب إذا ما عرفت إنّ واحدة من الأدلّة الّتي دعتهم إلى الإفتاء بذلك ـ كما صرّح صاحب الجّواهر ـ هو التّمسّك بفحوى خبر اليماني الّذي حمل جنازة أبيه من اليمن إلى النّجف في قصّة مشهورة ورد أصلها في الجّزء الثّاني المنسوب للدّيلمي؛ إذ إنّ لازم نقله من اليمن إلى النّجف تفسّخ البدن دونما إشكال، ومع إقرار الإمام لفعله أو أمره بدفنه فهذا يعني جواز هذا الفعل كما قرّروا!! فإذا عرفت وستعرف: إنّ هذا الجّزء من الكتاب ليس للدّيلمي وهو مجهول المؤلّف، وعرفت إنّ هذه الرّواية لم ترد في مصدر آخر غيره أيضاً، فهل ستعي حينذاك إنّ بعض أحكامنا الفقهيّة تتحكّم فيها المذهبيّة ولا يجرؤ الفقيه حينها على نزع هذه النّظارة والتّسلّح بالموضوعيّة؟! #نعم؛ من حسن الطّالع إنّ بعض الفقهاء المعاصرين استشكل في هذه الفتوى، وناقش جميع الأدلّة الّتي سيقت لها، لكنّ بعضهم تسمّر مذهبيّاً أمامها، ولله في خلقه شؤون وشؤون.


تنطلق إجابات المركز من رؤية مقاصدية للدين، لا تجعله طلسماً مطلقاً لا يفهمه أحد من البشرية التي جاء من أجلها، ولا تميّعه بطريقةٍ تتجافى مع مبادئه وأطره وأهدافه... تضع مصادره بين أيديها مستلّةً فهماً عقلانياً ممنهجاً... لتثير بذلك دفائن العقول...