كاشفيّة الورع عن العلم!!

13 يناير 2018
1289
ميثاق العسر

#من الأخطاء الشّائعة والممنهجة الّتي يقع فيها شريحة كبيرة من الجّماهير المتديّنة للأسف الشّديد هي: حسبانهم إنّ المرجع كلّما كان أكثر ورعاً وصلاةً ونسكاً وعبادةً بالصّيغ الّتي ألفوها وتعارفوا عليها كانت أخطاؤه العلميّة والحركيّة معدومة، مع إنّ هذين الأمرين بابان منفصلان مستقلّان، لا يمكن استنتاج أحدهما من الآخر كما لا يمكن نفي أحدهما من خلال […]


#من الأخطاء الشّائعة والممنهجة الّتي يقع فيها شريحة كبيرة من الجّماهير المتديّنة للأسف الشّديد هي: حسبانهم إنّ المرجع كلّما كان أكثر ورعاً وصلاةً ونسكاً وعبادةً بالصّيغ الّتي ألفوها وتعارفوا عليها كانت أخطاؤه العلميّة والحركيّة معدومة، مع إنّ هذين الأمرين بابان منفصلان مستقلّان، لا يمكن استنتاج أحدهما من الآخر كما لا يمكن نفي أحدهما من خلال نفي الآخر؛ فمقياس حقّانيّة العلم وما يتبعه من تحرّكات ومشاريع على ضوئه شيء، واحتمال كاشفيّة الورع والصّلاة والنُسك والعبادة المذهبيّة عن حقّانيّة العلم وتحرّكاته شيء آخر، ولا يمكن أن نجعل أحدهما دليلاً على الآخر في العلوم الدّينيّة الحوزويّة المتعارفة فضلاً عن غيرها.
#نعم؛ إذا رجعنا للنّصوص الدّينيّة قرآناً وسُنّةً فربما يُتراءى منها هذا المعنى للوهلة الأولى وبالنّظرة السّاذجة، لكنّ ومع إغماض الطّرف عن الدّلالة الواقعيّة لهذه النّصوص فإنّ المشكلة الأصليّة الكامنة في تطبيقاتها هي: إنّنا لا نمتلك مقياساً جزميّاً حاسماً يثبت لنا مصاديقها؛ فكم من مراجع عرفوا في أوساط النّاس بشدّة الورع والتّديّن، لكنّ لديهم أخطاء علميّة وحركيّة جمّة، والعكس موجود أيضاً؛ لأنّ التّديّن في أوساطنا مفهوم فضفاض نسبيّ خاضع لمحيط الولادة والتّربية المذهبيّة والدّينيّة؛ فما تمارسه في مجتمع إسلاميّ وتعدّه ويعدّه مجتمعك من أرقى درجات التّديّن والورع، يعدّه مجتمع إسلاميّ آخر من أوضح درجات السّفاهة والسّذاجة والحماقة، #ولكن يبقى: الصّدق والأمانة وأضرابهم من مقولات العقل العملي الأخلاقي مفردات حسنة وصالحة تتّفق المجتمعات المتديّنة وغيرها على حسنها وانبغائها، ويبدو إنّ جميع الفقهاء اشترطوا ضرورة توافرهم في مرجع التّقليد في سياق شرطيّة العدالة، إلّا إنّ هذا موضوع آخر أجنبيّ عمّا نحن بصدد التّنويه إليه، فتأمّل.


تنطلق إجابات المركز من رؤية مقاصدية للدين، لا تجعله طلسماً مطلقاً لا يفهمه أحد من البشرية التي جاء من أجلها، ولا تميّعه بطريقةٍ تتجافى مع مبادئه وأطره وأهدافه... تضع مصادره بين أيديها مستلّةً فهماً عقلانياً ممنهجاً... لتثير بذلك دفائن العقول...