من الأكاذيب الكبيرة الّتي سُخّف وعي الجماهير الإسلاميّة المعاصرة بعرضها العريض عن طريقها وانطلت حتّى على بعض من يسمّونهم بالمختصّين أيضاً: هي: كذبة أنّ الحروب والمعارك الّتي قادها وأمر بها الرّسول دفاعيّة لا هجوميّة، فتلاقف البسطاء والمساكين هذه الفرية ونسجوا على منوالها افتراءات أخرى؛ حيث صُوّر لهم: أنّ الهجوم وتوسيع الرّقعة الجغرافيّة للإسلام وإجبار النّاس على اعتناقه تحت وطأة السّيف والقهر هو نوع من الدّفاع في حقيقة الأمر!!
وفي الحقيقة: أنّ الأصل في عموم الحروب والمعارك الّتي قادها الرّسول هو الهجوم والمباغتة، وما حصل من معارك على أسوار المدينة سببها أنّ الرّسول كان قد هاجم أهلها وباغتهم وقتل منهم واغتنم في أوّل الأمر فأرادوا الانتصاف لذلك وردّ اعتبارهم، وإخراج الرّسول من مكّة ومتابعة بعض الصّحابة له بل وحتّى مصادرة أموالهم المفترضة لا تتناسب مع حجم الأموال الهائلة الّتي أُريد السّيطرة عليها من عير قريش وخُتمت بمعركة بدر كما هو الصّحيح في سبب حصولها.
ولو غضضنا الطّرف عن ذلك فلا يُنكر منكر أنّ الإسلام ما قام وانتشر إلّا بالسّيف، وأنّ الجنّة تحت ظلاله، وأنّ الرّسول أُمر بقتال النّاس حتّى يشهدوا الشهادتين… وأضراب ذلك من تعبيرات الرّسول المحفّزة، وعلى ذلك قامت سيرة صحابته وخلفائه وفتوحاتهم وغنائمهم وإتاواتهم…إلخ، وعلى وفقه استنبطت الأحكام في باب الجهاد وطبّقت على مدى قرون عدّة حتّى أوقفت القوانين الدّوليّة المعمّدة بالقوّة والبطش توسّعها، فليُتأمّل كثيراً كثيراً وليُعرف من أين تُستقى الحقيقة، والله من وراء القصد.