عهد مالك الأشتر في ميزان التّحقيق!!

#لا يخفى عليك: أنّ صيغة العهد المعروف في الأوساط الاثني عشريّة والّذي يُدّعى أنّ عليّ بن أبي طالب كتبه إلى مالك الأشتر لم ترد في شيء من المجامع الرّوائيّة الاثني عشريّة المعتبرة على الإطلاق، وإنّما جاءت هذه الصّيغة لأوّل مرّة خالية من الإسناد في كتاب نهج البلاغة للشّريف الرّضيّ المتوفّى سنة: “406هـ”، وجاءت أيضاً في كتاب تحف العقول لابن شعبة الحرّاني النّصيري الّذي يُقال بأنّه من أبناء القرن الرّابع الهجري، وبين نقولاتهما اختلافات شديدة في الزّيادة والنّقصان، كما جاءت بعض مضامينه بلا أسناد أيضاً في النّسخة المطبوعة من كتاب دعائم الإسلام للقاضي نعمان المصري المتوفّى سنة: “363هـ” مع اختلافات عن نقولات غيره أيضاً، لكنّنا لا يمكننا الوثوق بنسخته المطبوعة والمعتمدة على نسخة كُتبت بعد خمسة قرون من وفاة مؤلّفه، وجاءت بعض فقراته مسندة ومختصرة في بعض النّسخ المطبوعة لبعض الكتب الأخرى وفيها اختلاف شديد أيضاً دون التّصريح باسم مالك الأشتر، من قبيل: المجالسة وجواهر العلم.
#نعم؛ نصّ النّجاشي المتوفّى كما هو المشهور سنة: “450هـ”، وشيخ الطّائفة الاثني عشريّة الطّوسي المتوفّى سنة: “460هـ” في فهارسهما على وجود عهد لمالك الأشتر، وذكروا له طريقاً أيضاً، لكنّا لا ندري: هل المقصود من العهد الّذي أشاروا إليه هو عين المفردات والمضامين الّتي أوردها الشّريف الرّضي أو ابن شعبة الحرّاني النّصيري في كتابيهما أم يختلف عن ذلك، ومجرّد الاحتمال لا يشفع في تصحيح مضامين هذا العهد الواردة في هذه الكتب على الإطلاق حتّى لو صحّحنا هذه الأسانيد الواردة في فهارس النّجاشي والطّوسي بأيّ بيان من البيانات ولو عن طريق حكاية تعويض الأسناد مثلاً.
#ويعزّز هذا الاحتمال: إعراض المحمّدين الثّلاثة ـ وهم أصحاب الكتب الأربعة ـ عن ذكره في كتبهم، الأمر الّذي يحطّ بشدّة من قيمة المضامين الواصلة من هذا العهد، ويشي بتحفّظاتهم الشّديدة في هذا الخصوص، كما أنّ المضامين الواردة في هذا العهد الواصل لا تنسجم مع الّلحظة الزّمانيّة الّتي نشأ فيها عليّ بن أبي طالب، وهي مسبوكة ومحبوكة بطريقة العصر العبّاسي الّذي تكاثرت فيه هذه النّصوص وما يُضاهيها، لهذا نشكّك بقوّة في انتساب آحاد هذه المضامين إلى عليّ بن أبي طالب، فتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
https://www.facebook.com/jamkirann/posts/3388437167945250