سيناريوهات ولادة الصّدوق بدعاء الحجّة “ع”!!

#ثمّة سيناريوهات مختلفة في صياغاتها وأحداثها نُقلت حول تاريخ ولادة المحدّث الصّدوق وطبيعتها وسببها، وهي أحداث تدور ما بين سنة: “304 هـ” وسنة: “306هـ” حسب الظّاهر، وسنعمد على ذكرهنّ فقط، ونؤجّل التّعليق عليهنّ ومحاولة ربطهنّ بالمقال السّابق إلى مقال لاحق؛ متمنّين من القرّاء الكرام التّأمّل فيهنّ كثيراً:
#السّيناريو الأوّل: رواه نفس الصّدوق “المتوفّى سنة: 381هـ” عن محمد بن عليّ الأسود جاء فيه ما خلاصته: سألني والدك بعد موت محمد بن عثمان العمري [السّفير الثّاني] أن أسأل أبا القاسم الرّوحي [السّفير الثّالث] أن يسأل مولانا صاحب الزّمان “ع” أن يدعو الله أن يرزقه ولداً ذكراً، فسألته فأوصل ذلك إليه “ع”، وأخبرني بعد ذلك بثلاثة أيّام إنّه دعا له، وقال: «سيُولد له ولد مبارك ينفع الله به، وبعده أولاد». والّلافت: إنّ الواسطة وهو محمد بن علي الأسود قد طلب الدّعاء له في طلب الولد أيضاً فلم يجبه السّفير إلى ذلك، وقال له: «ليس إلى هذا سبيل»، فولد في نفس تلك السّنة لابن بابِويه ولده الصّدوق وولد بعده أولاد ولم يُولد للأسود كما ينقل نفسه. وقد علّق الصّدوق على هذه القصّة قائلاً: إنّ محمد بن علي الأسود «كثيراً ما كان يقول لي إذا رآني أختلف إلى مجلس شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد… وأرغب في كتب العلم وحفظه: «ليس بعجب أن تكون لك هذه الرغبة في العلم وأنت ولدت بدعاء الإمام “ع”‏» [كمال الدّين وتمام النّعمة: ج2، ص502].
#السّيناريو الثّاني: روى النّجاشي “المتوفّى سنة: “450هـ” في ترجمة ابن بابِويه الأب: إنّه قدم إلى العراق واجتمع مع الحسين بن روح [السّفير الثّالث] وسأله عن مسائل ثمّ كاتبه بعد ذلك على يد علي [وليس ولده محمد] بن جعفر بن الأسود، يسأله أن يوصل له رسالة إلى الصاحب “ع” ويسأله فيها الولد. فكتب إليه: «قد دعونا الله لك بذلك، و سترزق ولدين ذكرين خيّرين». فولد له أبو جعفر [محمد الصّدوق] وأبو عبد الله [الحسين] من أمّ ولد. ونقل بعد ذلك عن الغضائري القول: «سمعت أبا جعفر [الصّدوق] يقول: أنا ولدت بدعوة صاحب الأمر “ع”، ويفتخر بذلك». [رجال النّجاشي: ص261].
#السيناريو الثّالث: روى شيخ الطّائفة الطّوسي “المتوفّى سنة: “460هـ” بإسناده عن بعض مشايخ قم القول: إنّ ابن بابِويه “الأبّ” كانت تحته بنت عمّه محمد بن موسى بن بابِويه فلم يُرزق منها ولداً، فطلب من السّفير الثّالث الحسين بن روح النّوبختي أن يسأل الحجّة “ع” أن يدعو له ليُرزق أولاداً فقهاء، فجاءه الجّواب: «أنّك لا تُرزق من [زوجتك] هذه، وستملك جارية ديلميّة وتُرزق منها ولدين فقيهين».
#لكن حيث إنّ المعلوم عندهم إنّ لابن بابِويه “الأب” ثلاثة أولاد وليس إثنان فقط وهم محمد [الصّدوق] والحسن والحسين بدأ الطّوسي بعلاج التّعارض المتراءى بين الدّعاء الّذي حصر ما سيرزق به ابن بابِويه الأب بولدين فقيهين فقط وبين كونهم ثلاثة كما هو الواقع، فروى عن أحدهم القول: إنّ الأوّل والأخير فقيهان ماهران في الحفظ ويحفظان ما لا يحفظ غيرهما من أهل قم، أمّا الأوسط فهو: «مشتغل بالعبادة والزهد، لا يختلط بالناس ولا فقه له»، وأضاف نفس الرّواي: إنّ النّاس في قم كانت تتعجّب من حفظ الصّدوق وأخيه الحسين، ويقولون لهما: «هذا الشّأن خصوصيّة لكما بدعوة الإمام لكما، وهذا أمر مستفيض في أهل قم». [الغيبة: ص308ـ 309]. [يُتبع].


تنطلق إجابات المركز من رؤية مقاصدية للدين، لا تجعله طلسماً مطلقاً لا يفهمه أحد من البشرية التي جاء من أجلها، ولا تميّعه بطريقةٍ تتجافى مع مبادئه وأطره وأهدافه... تضع مصادره بين أيديها مستلّةً فهماً عقلانياً ممنهجاً... لتثير بذلك دفائن العقول...