روايات الأئمّة المؤسّسين بمثابة الحواشي على الإسلام العام!!

#لا يسع الباحث عن تاريخ ولادة الإسلام، وتاريخ رسوله “ص” وحروبه ومعاركه، وهكذا تاريخ الخلفاء والصّحابة والتّابعين من بعده بما في ذلك عليّ وفاطمة والحسن والحسين والسجّاد “ع”، إلّا الاعتماد على المصادر المتّفق على سلامتها بين علماء الإسلام، ولا يمكن أن نجعل المقياس في قبول الأحداث والنّصوص هو ورود رواية عن أحد الأئمّة المؤسّسين الّلاحقين لتلك المرحلة أو مقلِّدتهم؛ لأنّ الأصل الّذي نسير عليه هو: أنّ عموم المذهب الجعفري أو الاثني عشريّ ـ فقهاً وعقيدةً وتاريخاً ـ حاشية على الإطار الإسلاميّ العامّ، وبالتّالي: إنّما يصحّ للمحشّي أن يكتب حاشية على متن الكتاب في الموضع الّذي لديه تحفّظ أو إيضاح أو تقييد أو تعميم عليه أو ما شابه ذلك من تحشيات، وفي المواطن الّتي يتركها فالأصل السّائد في أمثال هذه الأمور يقتضي قبولها وإمضاءها، ولعلّ من قرأ شيئاً من حواشي الفقهاء الاثني عشريّة على كتاب العروة الوثقى يفهم ويتفهّم ما نقول.
#ولا نقول هذا الكلام رجماً بالغيب؛ فإنّ فقيهاً اثني عشريّاً كبيراً كالمرحوم البروجرديّ المتوفّى سنة: “1380هـ” كان يعتقد ـ والحقّ معه مئة بالمئة في ذلك ـ بأنّ الفقه الاثني عشريّ هو حاشية وهامش على فقه السُنّة؛ وذلك: لأنّ أغلب النّصوص الروائيّة التي استنبط فقهاء الاثني عشريّة أحكامهم الفقهيّة منها هي في حقيقتها عبارة عن أسئلة أصحاب الأئمة واستيضاحاتهم، وهذه الأسئلة والاستيضاحات قد تولّدت لديهم جرّاء نظرهم إلى ما في فقه أهل السنة من أحكام وإثارات، الأمر الذي دعاهم إلى الذهاب إلى الأئمّة ليستفسروا عن صحّتها من سقمها.
#وبناءً على هذا التّنظير تتجلّى بعض الأمور منها:
#أوّلاً: لا ينبغي أن يضع الباحث الجادّ عموم الأحداث والوقائع الإسلاميّة المسلّمة الّتي لم ترد عن طريق الأئمّة المؤسّسين في سلّة المهملات؛ لأنّ هذا يعني إلغاءً لتاريخه من رأس؛ وجهالة ما بعدها جهالة، نعم؛ إذا وجدت رواية فينبغي أن تقدّر بقدرها.
#ثانياً: من هنا تفهم أسباب خلوّ موروثنا الرّوائيّ الاثني عشريّ من جملة من الحقائق الإسلاميّة في أيّام الرّسول ومن بعده من الخلفاء حتّى مرحلة الأئمّة المؤسّسين؛ لأنّها حقائق متسالمة ومتّفق عليها طالما لم توجّه لهم أسئلة حيالها.
#ثالثاً: يُشكل جدّاً تقليد فقيه أو مرجع اثني عشريّ ليس له اطّلاع ولو على البنية العامّة للفقه الإسلامي السُنّي، فضلاً عمّن هو ضعيف الاطّلاع على بديهيّاته.
#نأمل أن تكون هذه السّطور واضحة وجليّة للعيان أمام المتابع الجادّ ونحن نفحص تاريخ تلك المرحلة وغياب النّصوص الاثني عشريّة فيها، وعليه أن يعي جيّداً: التّفريق بين المتن والحاشية، وأنّ عدم وجود حاشية يعني أنّ الأصل قبول المتن ما لم يُقدّم دليل على خلاف ذلك، فليُتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر