في سياق الحديث عن شرطيّة الكفاءة بين الشّيعيّ الإثني عشريّ وغيره من المسلمين في عقد النّكاح نصّ المرحوم صاحب الجّواهر على: إنّ التّقيّة الزّمانيّة هي الّتي سوّغت لعليّ بن أبي طالب “ع” تزويج بنته من عمر، وتزوّج فاطمة بنت الحسين الشّهيد “ع” من حفيد عمر وعثمان، وتزوّج أختها سكينة من مصعب بن الزّبير، بل يرى إنّ التّقيّة الزّمانيّة تسوّغ ما هو أزيد من ذلك، ولكن إذا «أنقلب الزّمان ـ وهنا يبدأ نصّه المروّع والصّادم ـ وظهرت كلمة الحقّ لم تتكافأ الدّماء ولا الفروج ولا غير ذلك، #فلا يقتل المؤمن بالألف منهم [أي غير الشّيعة الإثني عشريّة]، نسأل الله تعجيل الفرج وقيام العدل، ومن لاحظّ شدّة ما جاء في أمر التقية التي بها حُفظت الدماء وترّوج المذهب علم أنّ ذلك كلّه سهل في مقابلة المصالح المرتبة عليها، ولولاها [أي التّقيّة] لم يكن للشيعة اسم ولا وقف منهم على رسم، فجزى الله محمداً وآله “ص” عنّا خير الجزاء؛ لم يألوا جهداً في حفظ هذه الفرقة دنيا وآخرة» [جواهر الكلام: ج30، ص101].
#أقول: قد عرفت بشكل تفصيلي وموثّق من خلال مقالاتنا المتقدّمة: إنّ فاطمة بنت الحسين الشّهيد “ع” قد تزوّجت من حفيد الخليفتين بشكل طبيعي بعيداً عن مفهوم التّقيّة الزّمانيّة وأضرابها من مفاهيم بعديّة لاحقة لم يكن لها حضور في أفق فاطمة، بل نصّت كتب الشّيعة الإثني عشريّة المعتبرة على إنّ فاطمة تمرّدت على رغبة زوجها الحسن المثنّى والّتي تمنّت عليها أن لا تتزوّج من عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفّان ومع هذا كلّه تزوجته وأنجبت منه ثلاثاً، لكنّ مشكلة هذا الأفق الفقهي الإثني عشريّ تكمن في حسبانه: إنّ فاطمة وسكينة كانتا مؤمنتين بالإمامة الإثني عشريّة وبالفقه الصّناعي الّذي تولّد لاحقاً منها، مع إنّ هذه الصّيغة من الإمامة وفقهها الصّناعي وعرضهما العريض إنّما هو وليد بعدي لاحق لم يكن لأمثال فاطمة وسكينة حاجة إلى التّقيّد به أو الانسياق لرغباته وهنّ يرتضعن فقههنّ وعقيدتهنّ من الأسرة العلويّة الّتي ترعرعن فيها.
#وما دمنا قد وصفنا نصّ صاحب الجّواهر بالمروّع والصّادم فلا بأس أن نستذكر سبب خيبتنا وسوء ظنّ الآخر بنا وعدم إيمانه بمقولاتنا؛ إذ كيف نريد أن نقنع الآخر بمهديّنا وسلميّة حركته وحمايته للمستضعفين وملئه الأرض قسطاً وعدلاً والحال: إنّ فقهاءنا يرون عدم تكافؤ دماء وفروج الإثني عشريّة مع دماء وفروج غيرهم؛ بحيث إنّ الإثني عشريّ لو قتل ألفاً من مسلمي غير مذهبه في زمن قيام دولة العدل كما يصطلحون عليها فلا يُقتصّ منه؟!
#الّلهم إنّنا نشكو إليه فقد نبيّنا، وتسلّط فقهاء الصّناعة والرّواية علينا، وتسطيح الملالي والوعّاظ لعقولنا، فأرزقنا علماً ودراية للخلاص والتّحرّر من هذه الأسارات؛ إنّك سميع الدّعاء.