خطباء المنبر وتفسيرهم لحركة الحسين “ع”!!

#بنظرة فاحصة يمكن تقسيم خطباء المنبر الحسيني المعاصرين ومن يقف خلفهم من الفقهاء والمراجع إلى نحوين:
#الأوّل: واقعيّ غارق في البكاء والعويل والنّحيب، ويصرّ على ضرورة تركيز هذه المفردات بنفسها وتعميق طقوسها وممارساتها في عموم الأمّة؛ انسياقاً مع إرشادات بعض أحفاد الحسين “ع” وتوجيهاتهم، والغالب أن ينهج ذوو الأصوات الجميلة هذا النّهج.
#الثّاني: مثاليّ يريد تصوير الحسين بن عليّ “ع” على أنّه عِبرة لا عَبرة، وإنّ المهم مبادئ ثورته وأهدافها، وإنّ المطلوب أوّلاً وبالذّات هو فهم وتطبيق وامتثال القيم العليا الّتي خطّها الحسين لحركته وشهادته، وإن كانت العَبرة والحُزن مطلوبين ثانياً وبالعرض، والغالب أن ينهج إلى هذا النّحو ذوو الأصوات العاديّة أو المتواضعة.
#وفي الحقيقة: إنّ كلا هذين النّحوين لا يُريد فهم حقيقة حركة الحسين بن عليّ “ع” من المدينة إلى مكّة ومن ثمّ العراق حتّى مقتله وشهادته، ويصرّ على تسميتها بالثّورة انسياقاً مع قبليّات مذهبيّة فاسدة ولدت بعد حادثة كربلاء بعقود وقرون أيضاً، ويسعى جاهداً لإغفال الحقائق التّاريخيّة المسلّمة والّتي هي عبارة عن التحرّكات البشريّة الطّبيعيّة الّتي مارسها الحسين بن عليّ “ع” من لحظة خروجه من مكّة وحتّى شهادته، أو ذكرها وإظهار صاحبها على أنّه يمارس دور الممثّل البارع حتّى على عياله وأطفاله، وإنّه كان يُلقي الحجّة على أعدائه من خلالها فقط!!
#فالأوّل ينساق مع النّصوص الرّوائيّة الّتي ولدت في سياق التّعبئة السّياسيّة والمذهبيّة الّتي بدأها بنو العبّاس ضدّ بني أميّة وتواءمت مع أهداف بعض بني هاشم فكان شيعة الكوفة نقلتها ومطوّريها ومطبّقيها.
#والثّاني: ينساق مع صورة نمطيّة غارقة في المثاليّة رسمتها الحركات التحرّريّة الثّوريّة المعاصرة عن مبادئها وزعاماتها ويُريد تطبيق ذلك على الحسين بن عليّ “ع”.
#مع أنّ الواقع والحقيقة: إنّ الحسين بن عليّ “ع” خرج إلى الكوفة وآل الأمر إلى مقتله وشهادته الدّمويّة بهذه الصّورة إنّما بسبب دعوة أهل الكوفة له لخلافتهم وزعامتهم السّياسيّة الّتي كان يرى في نفسه الأحقيّة بها على غيره، لكنّهم خذلوه وغدروا به حتّى آلت الأمور إلى ما آلت إليه، وكان قد سعى جاهداً على طول الطّريق بعد لقائه بالحرّ وهكذا حتّى عمر بن سعد إلى تجنّب سفك دمه ودم مرافقيه، وأراد العودة والانصراف لكنّهم أصرّوا على إذلاله ولم يرضخ.
#لقد كان الحسين بن عليّ “ع” منصهراً مع خلافة معاوية سنين عدّة بنحو من الأنحاء، ومبايعاً له، وكان يستلم مرتّباته، وعطاياه، وجوائزه، ويصّلي خلف ولاته، ولم يقبل أن يتحرّك بأيّ حركة تنافي بيعته وميثاقه للبلاط الأموي، فمقايسة حركته “ع” بالثّورات الكبيرة المعاصرة وأهدافها ضرب من التّمحّل والخيال، وإلّا دلّوني على ثورة واحدة قلّدت حركة الحسين بن عليّ “ع” في عدّتها وعددها وآليّاتها وأهدافها الظّاهريّة وانتصرت، واحدة فقط!! نعم؛ لا شكّ في أنّ للحسين “ع” أهدافاً دينيّة يُريد من خلال الوصول للخلافة إنجازها، لكنّها لا تمرّ من خلال شهادته بل من خلال خلافته، فتأمّل كثيراً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر
#الحسين_المذهبي