المؤسف أنّ ثقافة الشّماتة [الشّرعيّة] بالموت متجذّرة جدّاً في الواقع الدّيني والمذهبي وبنحو عميق، وقد أصّلت لها النّصوص بعرضها العريض ومارسها أصحابها أنفسهم وانعكست على الفتاوى الفقهيّة بوضوح أيضاً، لذا لا تستغرب أبداً أن تقرأ أو تسمع متديّناً هنا يشمت بطريقة وأخرى بموت متديّن هناك؛ فهذا المتديّن الميّت نفسه كان قد مارس هذه الشّماتة [الشّرعيّة] مع ميّت آخر بطريقة وأخرى أيضاً، وما لم تتخلّص الأمّة من الماضي السّحيق وتموضع شخوصه في المكان الّلائق بهم، وتتجاوز النّفاق الّذي خلّفه على مستوى السّيرة والسّلوك، لن تتمكّن من بناء ذاتها بناءً أخلاقيّاً بالمُطلق، ولن يوفّق رجالاتها في إقناع مخاطبيهم بتوحيد ظاهرهم الحزين مع باطنهم المختلف، فتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.