#أنا من الذّاهبين إلى إنّ الرّوايات الّتي حثّت على زيارة الحسين “ع” مشياً على الأقدام هي روايات تأريخيّة لا إطلاق أزمانيّ فيها طُرّاً كما يقولون لكي يُصار إلى إثبات استحباب المشي المُطلق وفي عموم الأزمان عن طريقها، وهذا الأمر منسجم تماماً مع مختارنا في علم أصول الفقه من إنّ الأصل في المرويّات الصّادرة من الأئمّة “ع” اختصاصها بمخاطبها الزّماني فقط، والمخالف لهذا الأصل العرفي بادّعاء شمول هذه المرويّات لعموم المخاطبين في طول الزّمان هو المعني بإبراز قرينة على ذلك لا من يكون كلامه موافقاً لهذا الأصل كما هو الحال في مدّعانا، وعليه:
#فظاهرة المشي إلى زيارة الحسين “ع” وإن أمكن تعقّلها في زماننا من مناطق قريبة من كربلاء ومرقد أبي الأحرار الحسين “ع”، لكن أن يُصار إلى القول باستحبابها من المناطق الّتي تبعد عن كربلاء بآلاف الكيلو مترات استناداً إلى دعوى وجود الإطلاق في شخص هذه النّصوص نعدّه عملاً يقع في إطار المساعي المذهبيّة الحثيثة الرّامية إلى تفريغ الدّين عن مضمونه والإصرار على التّمسّك بالشكليات والطقوس حفاظاً على الأوهام الّتي في أذهان بعضهم… .
#أكتب حديثي هذا وقد اطّلعت قبل أيّام على خبر انطلاق موكب المشي على الأقدام من مدينة مشهد الإيرانيّة إلى كربلاء والمسافة بينهما في حدود الألفين كيلو متر تقريباً، وقد حضر لحظة توديع هذا الموكب للمباركة فيه والدّعاء له سادن الرّوضة الرضويّة في مشهد والمرشّح السّابق لرئاسة الجّمهوريّة الإيرانيّة السيّد رئيسى قائلاً: إنّ السّير على الأقدام إلى المرقد النّواريّ للإمام الحسين “ع” هو من سنن عظمائنا… نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفّقنا لزيارة الحسين “ع” وأن يجعلنا من أنصاره وأعوانه إنّه وليّ حميد.