بين الإمام بما هو هو والإمام كما يصوّره الفقهاء!!

2 نوفمبر 2016
1366

إن الذي يدعوني إلى إظهار وطرح “بعض” الأسئلة المُقلقة في واقعنا الشيعي التي قد تستفزّ الكثيرين هو: دعوة الباحثين إلى الإيمان بضرورة إعادة ركلجة كثير من القواعد الكلاميّة والأصوليّة والمذهبيّة الراكزة في الواقع الشيعي، ومحاولة مواءمتها مع حقيقة “الإمام بما هو هو”، لا مع الإمام الذي يصوّره متكلّمو الشيعة وأصوليّوهم وفقهاؤهم، ومن ثمّ خطباء منابرهم بعد ذلك؛ فالإمام مهما فرضنا عليه من قيود كلاميّة أو فلسفيّة أو عرفانيّة أو أصوليّة هو كائن حيّ لا يمكن له أن يتجاوز ظروفه الاجتماعيّة التي أقرّها القرآن الكريم وسيرة أجداده في حياتهما الشخصيّة وغيرها أيضاً، #ولكن هذا الإقرار ليس لأجل أن يأتي بعد ذلك علم أصول “الفقهاء” ليمنحها إطلاقيّة المطلق، ويستلّ منها أحكاماً سرمديّة خالدة حتّى قيام الساعة انطلاقاً من قاعدة احترازيّة القيود سيئة الصيت.
#والأغرب من جميع ذلك: إن هذه الأحكام السرمديّة الخالدة سرعان ما يضطّر الفقهاء المعاصرون إلى حذفها من رسائلهم العمليّة بعد سنين طويلة من البحث والتنقيب فيها، ليقدّموا أحكاماً “ثانويّة” تنسجم مع تطوّر العقل البشري المعاصر الذي لفظ كثيراً من تلك الأحكام وعدّها متنافية مع حقوق الإنسان وحقوق المرأة أيضاً، نعم؛ نسي هؤلاء الفقهاء: إن الأصل في تلك الأحكام والمواقف والأفعال التي صدرت من الإمام هي عدم وجود الإطلاق الإصوليّ فيها، بل تختصّ بمستوى الوعي الاجتماعي الذي كان حاكماً في تلك الفترة، ولا يمكن للمشرّع ـ مهما منحناه من صلاحيّات ـ أن يتجاوز مستوى هذا الوعي؛ لأنّ تجاوزه نقض لغرضه في التفهيم والإفهام والمرحليّة في تمرير المقاصد والأهداف، فلا حاجة لهدر وتضييع سنوات طويلة في البحث عن كيفيّة التخريج الصناعي لها.


تنطلق إجابات المركز من رؤية مقاصدية للدين، لا تجعله طلسماً مطلقاً لا يفهمه أحد من البشرية التي جاء من أجلها، ولا تميّعه بطريقةٍ تتجافى مع مبادئه وأطره وأهدافه... تضع مصادره بين أيديها مستلّةً فهماً عقلانياً ممنهجاً... لتثير بذلك دفائن العقول...