المراجعة والتّصحيح في نزول أو صدور القرآن الصّوتي!!

#لم تكن جميع الآيات القرآنيّة الصّوتيّة الّتي كان الرّسول قناتها الحصريّة سَلِسة نهائيّة متّزنة منضبطة في نزولها أو صدورها، وإنّما كانت خاضعة للتّصحيح والمراجعة والتّعديل بطبيعة الحال، بمعنى: أنّها كانت تابعة لما يحصل في الخارج من أفعال وردود أفعال، وعليه: فقد تصدر بصيغة معيّنة، وحينما تنبثق مشاكل في فهمها أو تطبيقها، يصدر ـ آنيّاً أو لاحقاً ـ تعديل أو ملحق إضافيّ؛ إمّا أن ينسفها من الأساس، أو يعدّل من صياغتها؛ فيضيّق أو يوسّع من دوائر فهمها.
#أمّا الطّريقة الأولى فأمثلتها كثيرة والّتي تموضع تحت عنوان الآيات المنسوخة كما يصطلحون عليها، لكنّا سنضرب مثالاً بسيطاً للطّريقة الثّانية فنقول:
#روى البخاري المتوفّى سنة: “256هـ” وغيره أيضاً، بالإسناد الصّحيح عنده وعندهم، عن سهل بن سعد إنّه قال: «أنزلت: “وكلوا واشربوا حتّى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود” ولم ينزل [معها] “من الفجر” [البقرة: ١٨٧]، فكان رجال إذا أرادوا الصّوم ربط ‌أحدهم في ‌رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود، ولم يزل يأكل حتّى يتبيّن له رؤيتهما، فأنزل الله بعد [ذلك]: “من الفجر”، فعلموا أنّه إنّما يعني الّليل والنّهار». [صحيح البخاري: ج3، ص81ـ82].
#وفي ضوء هذه الحقيقة: لا ينبغي التردّد في التّصديق بأنّ فهم القرآن الصّوتي لا يمكن أن نعزله عن طبيعة شخصيّة قناته الحصريّة الموصلة أو المصدّرة له وهي: الرّسول، ولا عن طبيعة الأحداث الّتي رافقت صدور أو نزول آياته أيضاً، وأنّ كتابة القرآن الصّوتي وجمعه الّلاحق بين دفّتين بطريقة “كيفما اتّفق” لا تفضي إلى إغفال تلك الحقائق القطعيّة الّتي حدت إلى انبثاق آياته، ولا تحدو أيضاً إلى عزله عن شخصيّة الرّسول وظروفه وتموضعاته؛ ومثل هذه المآلات ـ وإن أصبحت قواعد جزميّة بين عموم المسلمين في أيّامنا ـ لكنّها لا تستند إلّا لأوهام تولّدت من ظاهرة نحت الأدلّة والصّياغات والتّبريرات ما بعد الوقوع، وأعني بالوقوع هو: القرآن البعدي الّذي تولّد بين دفّتين إثر بدعة أطلقها عمر بن الخطّاب بعد ذلك، فليُتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نص‏‏
 https://www.facebook.com/jamkirann/posts/3513937218728577