#هناك فرق بين السّيرة النبويّة المكتوبة عن طريق سرديّات تاريخيّة مرسلة تحتوي على الغثّ والسّمين، وبين السّيرة النبويّة المأخوذة من نصوص مسندة رواها الثّقات كابراً عن كابر وردت في صحاح المسلمين؛ فالأولى قد لا تصحّ في نقولاتها وتفاصيلها، ويحتاج الباحث إلى العناية البالغة في الاستقاء منها، لكنّ الثّانية طريق حصريّ لاكتشاف تلك المرحلة؛ لكونها منسجمة تمام الانسجام مع طبيعة النّزول أو الصّدور النّجومي القرآني الّتي رافق قناته الحصريّة الموصلة أو المصدّرة له وهي الرّسول طيلة فترة الرّسالة الّتي نيّفت على العشرين سنة، ولا يمكن لباحث يحترم عقله ووعيه أن يغفل عنها وهو يقرأ تلك المرحلة بحياد وموضوعيّة وعلم.
#المؤسف: أنّ التّلقينات العاطفيّة المذهبيّة المندفعة غذّت بعض البسطاء بمعلومات خاطئة جدّاً صوّرت لهم: أنّ السّيرة النبويّة قد كُتبت بعد قرنين من حياة الرّسول، وتحت إشراف سلاطين الجور والظّلم ودسّهم وتزويرهم، وبالتّالي فلا قيمة لها، ولم يفرّق هؤلاء بين هاتين السّيرتين، وأنّ الملاك ليس في الكتابة الواصلة وإنّما في تحديث الثّقات، كما نسوا أو جهلوا أيضاً: أنّ عباداتهم ومعاملاتهم اليوميّة كمسلمين إنّما تستند في حقيقتها إلى مرويّات قد وردت في هذه الكتب المعتبرة الّتي وردت فيها سيرة الرّسول من النّوع الثّاني أيضاً.
#وعلى هذا الأساس يجب أن يستفيق هؤلاء ليعرفوا: أنّ الميزان الّذي توزن فيه أخبار السّيرة ونصوص الرّسول إنّما هو: قواعد علم الحديث وضوابطه المعروفة، لا الصّورة النّمطيّة الغارقة في المثاليّة والورديّة الّتي رُسمت في أذهانهم منذ الولادة عن تلك المرحلة ورموزها؛ لأنّ هذه الصّورة لم تُستق من معين الحقيقة وإنّما من معين الأوهام وزيادة التّوقّعات، فليُتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
https://www.facebook.com/jamkirann/posts/3531449596977339