يروى إن المُنشد الإيرانيّ الشهير المرحوم حسن كوچك زادة كان يقرأ مناجاته الفارسيّة المعروفة في حرم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب “ع” في السنة مرّة واحدة، وذات يوم وصل صوته إلى أسماع أستاذ بعض المراجع المعاصرين المرحوم السيّد محمود الشاهرودي الكبير (1883ـ1974م)، فما كان منه إلا أن أمر العتبة العلويّة في غد ذلك اليوم أن لا تسمح لكوجك زادة بالقراءة مرّة أخرى؛ إذ عدّ قراءته من الغناء المحرّم!!… أمّا اليوم فتصكّ آذان المراجع عشرات الّلطميّات والأناشيد التي لا يصل ترجيع واطراب ألحان كوچك زاده إلى عشر معشارها، بل وتُبثّ من خلال فضائيّات شيعيّة يدعمها مراجع الدين أنفسهم أيضاً، لكنّا لا نسمع موقفاً سلبيّاً إزائها، أو الحيلولة دون ظهورها، أو التحذير منها في أقل تقدير، سوى فتاوى عفّ عليها الزمن، تصوغها مكاتبهم على طريقة إن كان كذا فهو كذا، والتي هي نوافذ للهروب من المسؤوليّة كما يعرفها من خَبِر ذلك، ولا أدري هل تطوّر مفهوم الغناء المحلّل بحسب ما يشنّف آذان العرف من ألحان وإيقاعات تحت شمّاعة المراثي الحسينيّة والأناشيد الإسلاميّة؛ أم إن الغناء المطرب محرّم بغضّ النظر عن مضامينه فضلاً عن ملابساته، إلّا إن المراجع باتوا غير قادرين على إبداء قناعاتهم الفقهيّة؛ لأنّ الناس لا تعير لكلماتهم أهميّة في هذا المجال؟!