#روى الكليني المتوفّى سنة: “329هـ” في باب عقده تحت عنوان: “التّفرّس في الغلام وما يُستدلّ به على نجابته”، بإسناده الصّحيح عنده عن جميل بن درّاج، عن الصّادق”ع” إنّه قال: «كان أمير المؤمنين [عليّ] “ع” يقول: إذا كان الغلام ملتاث الأدرة [مسترخي الخصية]، صغير الذّكر، ساكن النّظر، فهو ممّن يُرجى خيره ويؤمن شرّه… وإذا كان الغلام شديد الأدرة، كبير الذّكر، حادّ النظر، فهو ممّن لا يُرجى خيره ولا يؤمن شرّه». [الكافي: ج6، ص51؛ تهذيب الأحكام: ج8، ص114].
#وفي الحقيقة: إنّ أمثال هذه التّفرّسات لا تمتلك قيمة علميّة يُمكن الرّكون إليها في مقام بناء توصيات أخلاقيّة ولا في مقام بناء أحكام فقهيّة أيضاً، وهي أشبه بممارسات العرّافات وآخذات الفال في الأحياء الشّعبيّة والمجتمعات البدائيّة في أيّامنا؛ ولا أدري: ما هي العلاقة العلميّة بين انقباض الخصيتين وكبر الذّكر وبين عدم النّجابة، والعلاقة بين استرخاء الخصيتين وصغر الذّكر وبين النّجابة؟! بل الواقع العمليّ بين المؤمنين يكذّبها بكلّ تأكيد.
#ولعلّ هذه الرّواية تتواءم تماماً مع الرّواية الصّحيحة بمقاييسهم والّتي نصّت على أمر رسول الإسلام “ص” أصحابه بدفن من كان صغير الذّكر بعد معركة بدر، وكذا ما أرسله الطّوسي عن عليّ “ع”. [تهذيب الأحكام: ج6، ص172ـ173، تحقيق: الخرسان؛ ج6، ص192، تحقيق: الغفّاري؛ الخلاف: ج1، ص716؛ المبسوط: ج1، ص182؛ النّهاية: ص298].
#أتمنّى أن نجعل أمثال هذه النّصوص الوافرة في عموم الحقول والأبواب الفقهيّة خير منبّه على ضرورة إعادة النّظر في المقولات الكلاميّة الّتي طوّقنا بها أصحاب هذه النّصوص والّتي اضطرّتنا إلى ممارسة التأويل تلو التأويل ونحت التّفسيرات والتوجيهات، وأبرز هذه الأطواق هو مفهوم العصمة العلميّة الّذي ذهب المعاصرون من أصحابنا به عريضة وسطّحوا وعي جماهيرهم عن طريقه، فليُتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر