الصّادق “ع” وتسويغه ما لا يُسوّغ اجتماعيّاً!!

#روى الكليني المتوفّى سنة: “329هـ” بإسناده الصّحيح عنده، عن أبان بن تغلب قوله: «قلت لأبي عبد الله “ع”: إنّي أكون في بعض الطّرقات فأرى المرأة الحسناء، ولا آمن أن تكون ذات بعلٍ أو من العواهر؟ قال [الصّادق “ع”]: ليس هذا عليك؛ إنّما عليك أن تصدّقها في نفسها». [الكافي: ج5، ص462].
#كما روى شيخ الطّائفة الطّوسي المتوفّى سنة: “460هـ” بإسناده الصّحيح عنده، عن فضل مولى محمّد بن راشد، إنّه سأل الصّادق “ع” بقوله: «إنّي تزوّجت امرأة متعة، فوقع في نفسي أنّ لها زوجاً، ففتّشت عن ذلك فوجدت لها زوجاً؟» فقال له الصّادق “ع”: «ولِمَ فتشت؟!» [تهذيب الأحكام: ج7، ص253]..
#وروى الطّوسي نفسه، بإسناده الصّحيح عنده أيضاً عن مهران بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن الصّادق “ع”: «قيل له: إنّ فلاناً تزوّج امرأة متعة، فقيل له: إنّ لها زوجاً فسألها، فقال أبو عبد الله “ع”: ولِمَ سألها؟!». [المصدر السّابق نفسه].
#وقد أفتى الفقهاء الاثنا عشريّة استناداً إلى هذه النّصوص ومماثلاتها بعدم الحاجة للاستفسار عن حال المرأة الّتي عرضت نفسها للمتعة بمعنى السّؤال عن كونها ذات بعل أو عدّة؛ إذ «ليس السّؤال والفحص عن حالها شرطاً في الصّحة»؛ لأنّها مصدّقة على نفسها انسياقاً مع هذه النّصوص. [منهاج الصّالحين، السّيستاني: ج3، مسألة: 260].
#وفي الحقيقة: إنّ هذا التّسويغ من الصّادق “ع” لهو غريب في بابه؛ إذ سيؤدّي في نهاية المطاف إلى فتح أبواب المفاسد الاجتماعيّة والأُسريّة على مصراعيها كما حصل بالفعل بسبب فتواه في عدم انبغاء السّؤال وبدأت المشاكل تترى وتتسارع بوضوح؛ إذ ما معنى أن يرى أبان بن تغلب المرأة الحسناء في الطّرقات وهو يحتمل كونها ذات بعل أو من العواهر ومع هذا يُقدم على التمتّع بها أو التزّوج منها انسياقاً مع تسويغ الصّادق “ع” له ذلك؟! ويزداد المشهد دمامة حينما نعرف: أنّ أبان بن تغلب من كبار أصحاب السجّاد والباقر والصّادق “ع” المقدّم في القرآن والفقه والحديث والأدب والّلغة والنّحو حتّى إنّ الصّادق “ع” أوجع قلبه موته، فإذا كان الصّادق “ع” يعلّم أمثال أبان مثل هذه الممارسات الّتي ينبغي أن يعفّ أمثاله عنها فماذا نرتجي ممّن هو دونه بمراتب؟!
#وما معنى أن يشجب الصّادق “ع” ممارسات بعض أصحابه المبرّرة والمنطقيّة والشّرعيّة أيضاً والّتي دعتهم للاستفسار عن حال النسوة الّلاتي تمتّعوا بهنّ بعد أن نبا إلى مسامعهم كونهنّ متزوّجات، ويدعوهم إلى غضّ الطّرف عن ذلك وتصديق دعاوى هذه العواهر في خلوّهن من الزّوج أيضاً؟! وما معنى أن يأتي الفقهاء الاثنا عشريّة رغم ما في هذه الفتاوى من هنات واضحة ويطأطئوا رؤوسهم أمامها ويُفتوا على وفقها دون أن يتحرّك فيهم أيّ وازع أو ضمير؟! نعم؛ النّساء مصدّقات على فروجهنّ في حالة ما إذا لم يحصل للشّخص احتمال معتدّ به يكشف عن غيلة ومكيدة تخالف قولهنّ، وفي مثل هذه الحالة عليه الانسياق مع احتماله ورفعه أو وضعه بالمعطيات السّليمة حتّى لو جلس منها مجلس الرّجل من المرأة بل ولو أدخل الميل في المكحلة، لا أن “يغلّس” كما هو صريح توجيهات الصّادق “ع”.
#يبدو أنّ على القارئ النّابه أن يجعل مثل هذه النّصوص خير منبّه على ضرورة إعادة النّظر في المقولات الكلاميّة المؤسفة الّتي طوّقت نصوص وشخوص بعض من عاش في القرون الثّلاثة الأولى، وينبغي أن يفكّر مليّاً في ضرورة تجريد هذه النّصوص والشّخوص من صلاحيّة استصدار أحكام فقهيّة قانونيّة دائميّة لعموم بني البشر حتّى نهاية الدّنيا؛ ومن دون ذلك سنبقى نرقّع ونرقّع ونرقّع وفي الوقت نفسه نذرف الدّموع على بؤسنا وحزننا وألمنا، فتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر