#كان الرّسول يراعي التّوازنات في عطاءاته الماليّة بشكل كبير، ولم يكن يساوي في العطاء كما يُشاع ويروّج؛ فقد روى مسلم المتوفّى سنة: “261هـ”، بإسناده الصّحيح عنده وعندهم، عن رافع بن خديج، إنّه قال: «أعطى رسول الله “ص” أبا سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية، وعيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، كلّ إنسان منهم مائة من الإبل، وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك»، فقال عباس بن مرداس: أتجعل نهبي ونهب العبيد؛ بين عيينة والأقرع؛ فما كان بدر ولا حابس؛ يفوقان مرداس في المجمع؛ وما كنت دون امرئ منهما؛ ومن تخفض اليوم لا يرفع. قال: فأتمّ له رسول الله “ص” مائة». [صحيح مسلم: ج3، ص250ـ251، ط دار التّأصيل].
#والظّاهر أنّ هذا الأمر أزعج الأنصار كثيراً؛ فامتعضوا من هذا التّصرّف من الرّسول في يوم حنين وقالوا: «غفر الله لرسول الله؛ يعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم»، وحينما بلغ ذلك الرّسول، جمعهم في خيمة، وطيّب خواطرهم، وحاول تخفيف حدّة الاحتقان الحاصل لهم؛ بمديحهم والثّناء عليهم، قائلاً لهم:«إنّ قريشاً حديث عهد بجاهلية ومصيبة، وإنّي أردت أن أجبرهم وأتألفهم…»، وقال لهم: «أنتم الشّعار، والنّاس الدّثار، أما ترضون أن يذهب النّاس بالشّاة والبعير، وتذهبون برسول الله إلى دياركم؟!»، ولمّا أجابوه بالإيجاب قال لهم: «الأنصار كرشي وعيبتي، لو سلك النّاس وادياً، وسلكت الأنصار شعباً، لسلكت شعبهم، ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار…». [صحيح مسلم، المصدر السّابق: ص244ـ 247؛ مسند أحمد: ج1، ص194ـ195، ط الرّسالة، ومصادر كثيرة أخرى].
#لكنّ الغريب، ورغم هذه السّيرة النّبويّة الواضحة في ضرورة احتواء سادة قريش وأضرابهم ولو عن طريق المال، لكنّا نلاحظ أنّ عليّ بن أبي طالب لم ينتهج هذا النّهج تجاه الزّبير وطلحة ومعاوية، ودخل في حروب طاحنة سبّبت ما سبّبت من مآسي ودماء كان بالإمكان تلافيها ببساطة بمجموعة من الامتيازات والوزارات كما يرى بعضهم، ومن هنا فقد يُعزى هذا الأمر إلى سطوة من يُصطلح عليهم بـ “قتلة عثمان” على القرار والحروب آنذاك، فتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
#الرّسول المذهبي

https://www.facebook.com/jamkirann/posts/3287178768071091