#بدأ رسول الإسلام في مكّة وحيداً وبهدف وحيد، ورافقته الآيات الهادئة الّتي تشدّ على عزيمته أطواراً وتسلّيه أطواراً أخرى، بلا إجبار ولا قهر ولا سيف ولا قمع، متناغماً مع رِفق الرُّسل السّابقين وليونة عريكتهم، وتماهياً مع أهدافهم ونصوصهم، توحيد الخالق، ترك الأوثان، زهد في الدّنيا، إكبار للآخرة، تعظيم للفقراء، تقريع للأغنياء… .
#انتقل إلى المدينة، واتّسعت قواعده الشّعبيّة، وازدادت الانشغالات، فتأخّر الوحي، وتغيّر الخطاب، وتبدّلت الّلهجة، وتصاعد الموقف، واحتدّت النّبرة، فكان السّيف هو الفيصل وهو الحاكم في البين، وجاءت الغنائم وجاء الخمس والأنفال.
#مات الرّسول الأمّي ولم يكتب القرآن ولم يجمعه، فعمد الخلفاء من بعده لجمعه لأسباب معروفة، فوضعوا المكّي والمدني، والشّخصي والعامّ، والآني والّلا آني… إلخ في سلّة واحدة، دون ضوابط، ولا منهج، ولا رؤية، ولا إشراف سماوي، كيفما اتّفق على طريقة العامي الشّامي، والجمع لأجل الجمع فقط.
#جاء مَن بعدهم فحسبوا: أنّ هذا المجموع هو نازل أو صادر بهذه الصّيغة لأجل أن يكون دستوراً دينيّاً دائميّاً لعموم البقاع والأصقاع حتّى نهاية الدّنيا، فوجدوا فيه التّعارضات والّلا انسجام المنبثق من طبيعة آنات وأهداف نزوله أو صدوره، فلم يجدوا بدّاً من الإيمان بحكاية النّاسخ والمنسوخ، والعامّ والخاصّ، والمطلق والمقيّد…إلخ، وأسّسوا لها كلاميّاً ومن ثمّ أصوليّاً، وجعلوا ميزان عالم الدّين بمعرفتها.
#ولهذا نجد أنّ من يتحدّث عن أنّ الإسلام لا يؤمن بالقوّة في فرض مقولاته يستند لآيات من نسخة القرآن البعدي الواصلة، ومن يتحدّث عن أنّ الإسلام يؤمن بضرورة فرض مقولاته بالقوّة يستند كذلك لآيات من نسخة القرآن البعدي الواصلة، والثّاني هو المنسجم مع تاريخه ونصوص رسول الإسلام وطبيعة حروبه وتحرّكاته وروايات زعاماته، والأوّل يغفل أو يجهل أو يتجاهل ذلك.
#بلى؛ لا قيمة علميّة لأيّ رأي ـ مهما كان عنوان صاحبه ومقامه وحجمه وتأثيره ـ ما لم يبحث تاريخ القرآن، وطبيعة الآليّات الّتي اعتُمدت في جمعه، وفلسفة ذلك، ومن ثمّ: هل كانت السّماء مهتمّة ومكترثة وجادّة في تحويله من مادّة صوتيّة نزلت أو صدرت في فترة نيّفت على العشرين سنة ولأسباب جملة كبيرة منها آنيّة مرحليّة وشخصيّة إلى مادّة مكتوبة محرّرة، ومن ثمّ تحويلها إلى دستور ديني دائم، أمّ أنّ هذا يتعذّر إثباته، فليُتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
#ميثاق العسر
#الرّسول_المذهبي
#تحريف_القرآن