تزوّجت رملة بنت عليّ بن أبي طالب من عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب، وكان يضربها ضرباً شديداً مبرحاً، فكانت تأتي إلى أخيها الحسن تشتكي ذلك وقد لزق درع من حديد بجسدها من الضّرب، لكنّ الحسن كان يُقسم عليها أن ترجع إلى بيت زوجها وينتهي كلّ شيء، والظّاهر أنّ زوجها عبد الله كان قد قُتل بين يدي أخيها الحسين في كربلاء بعد ذلك!!
وفي الحقيقة: أنّ مثل هذا الّلون من التّعامل مع الزّوجة كان معروفاً بين الصّحابة ومن بعدهم أيضاً، وعليه سيرة جملة ممّن ظاهرهم التديّن إلى اليوم، وطريقة الحسن في إرجاع أخته إلى بيت زوجها مع رؤيته لآثار الضّرب الشديد عليها هي السّائدة والعرفيّة في أجوائنا المتديّنة حتّى اليوم؛ ويرون ضرورة أن “تسلك” المرأة مع زوجها وتنسجم معه بنحو من الأنحاء لا سيّما إذا كان من أقاربها؛ لأنّ طلاقها وانفصالها يحمل تبعات اجتماعيّة واقتصاديّة رهيبة.
والسّؤال هو التّالي: لماذا يُقدم الإسلام على منح الزّوج مثل هذا الحقّ في ضرب زوجته المسمّاة بالنّاشز على الاختلاف الحاصل بينهم في تفسير النّشوز، وهل يُمكن أن نفترض ديناً يُدعّى له الخاتميّة وتقرير أحكام سماويّة صالحة لعموم الأجيال بمختلف ألوانهم ولغاتهم في طول عمود الزّمان وهو يقرّر مثل هذا الحقّ للزّوج في نصّه الدّستوريّ الأوّل؟!
لا شكّ في أنّ مثل هذه الأسئلة لا يمكن إجابتها بالهروب للأمام والبحث عن دراسة هنا أو تمحّل هناك، وعلينا أن نضع أيدينا على الجرح العميق الّذي يخاف الجميع الاقتراب منه وهو: إنّ هذه الأحكام سببها النّشأة والتّكوين القبلي والجغرافي الّذي ولد فيه الإسلام ونشأ وترعرع فيه رموزه، وسحب مثل هذه الأحكام ومرتكزاتها إلى غير لحظتها لم يقم وما قام إلّا بالسّيف، فتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.