#قد يكون مبرّراً أن يتحدّث المبلّغ الدّوار بمواعظه وقصصه الهادفة في مواطن مختلفة وأزمنة متنوّعة، فيضطرّ إلى تبديل صيغها وأساليبها وتكرارها وفقاً لطبيعة استيعاب مخاطبيه وسعة وضيق أفقهم، ووفقاً لما يكتنف به من ظروف محيطة، لكن حينما يُريد تحويل هذه الخطابات إلى مادّة محرّرة مكتوبة، ويُريد لها أن تكون منهجاً دراسيّاً إلزاميّاً لمن بعده، ويُثيب ويُعاقب على أساسها، فمن المحال أن يحفظ لها الحالة الصّوتيّة نفسها واستلزاماتها واستحقاقاتها؛ وسيتعذّر فهمها كما ينبغي بطبيعة الحال؛ لاكتنافها بمجموعة من القرآئن المتّصلة والمنفصلة بمختلف مساراتها، والّتي ستؤثّر بطبيعة الحال على فهم أصل المراد، ولا يمكن أن تكون الظّاهرة الصّوتيّة قادرة على إفهامه إذا ما كُتبت بمعزل عن مكتنفاتها، وحيث إنّ السّماء لم تقم بجميع ذلك، وخرج الرّسول من هذه الدّنيا ولم يَكتب القرآن لا بنفسه ولا بإشرافه، فكان ما كان وحصل ما حصل، فتفطّن كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.

https://www.facebook.com/jamkirann/posts/3380949958693971