#روى الكلينيّ صاحب أهمّ كتاب حديثيّ اثني عشريّ معتبر والمتوفّى سنة: “329هـ”، بإسناده الصّحيح عنده وعندهم، عن أبي حمزة الثّمالي إنّه قال: «كنت عند علي بن الحسين [السجّاد] “ع” فجاءه رجل، فقال له: يا أبا محمّد، إنّي مبتلى بالنّساء؛ فأزني يوماً، وأصوم يوماً، فيكون ذا كفارة لذا. فقال له علي بن الحسين “ع”: إنّه ليس شيء أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من أن يُطاع ولا يُعصى، فلا تزن ولا تصم».
#وإلى هنا تبدو الأمور طبيعيّة ومنسجمة مع ما هو المتوقّع من رجل دين بوزن السجّاد “ع” وهو يُجيب مثل هذه الأسئلة، لكنّ تكملة الّرواية تحمل شيئاً لافتاً وغريباً جدّاً؛ حيث كان في المجلس نجل السجّاد “ع” حاضراً، أعني به: أبا جعفر الباقر “ع”، وبعد أن سمع هذا الكلام من الرّجل قام إليه: «فاجتذبه… إليه، فأخذ بيده، فقال: يا أبا زنّة [!!]؛ تعمل عمل أهل النّار وترجو أن تدخل الجنة؟!». [الكافي: ج5، ص541ـ542].
#ومن الواضح: إنّ أبا زنّة هي كنية القرد، وهنا: من حقّك أن تبادر على عادتك وتقول: هل يحقّ للباقر “ع” أن يصف هذا السّائل ـ مهما كانت جنايته ـ بهذا الوصف المعيب، أم أنّ من المستحيل أن يتلفّظ “ع” بمثل هذه المفردات غير الّلائقة بمن هو دونه فضلاً عمّن هو في مقامه ومرتبته وعنوانه؟!
#ربّما ستبادر لإنكار الرّواية من رأس وتستبعد بل تجزم بعدم صدورها، وتقول بينك وبين نفسك: هذه من المدسوسات الّتي وضعت عن الباقر “ع” من قبل الأمويّين والعبّاسيّين لتشويه سمعته…إلخ من بيانات معروفة بين الأوساط والّتي يُغرّر عن طريقها بوعي الجماهير المذهبيّة!!
#ومن حقّي أن أطلب منك في هذه الحالة أن تذهب وتشرب قدحاً من عصير من الّليمون البارد وتخفّف من توقّعاتك المذهبيّة، وتؤمن بأنّ استبعاد واستقراب هذه الأمور لا يعود للصّورة النّمطيّة الغارقة في ذهنك والمرسومة عن الباقر أو غيره من الأئمّة “ع”، ولا يعود لمثل هذه التّبريرات السّاذجة والجاهلة والّتي أصبحت راكزاً قطعيّاً عند الجماهير، وإنّما يعود للدّليل وحقّانيّته، وعليه: فإذا ثبتت صحّة صدور مثل هذه الرّواية ـ كما هو ثابت وفق المقاييس المتّفق عليها عند الطّائفة الاثني عشريّة قديماً وحديثاً ـ فلا طريق أمامك غير الإيمان بصدورها، ومن ثمّ ستكون حرّاً في تأويلها أو تمييعها على طريقتك الخاصّة وتحت ذريعة التّصرّف في إعدادات جهة الصّدور، فتأمّل.
#وصفوة ما نودّ قوله من خلال ذكر هذه الشّواهد وغيرها هو: إنّ الأئمّة المعروفين عند الطّائفة الاثني عشريّة هم بشر في نهاية المطاف، لهم ما لهم، وعليهم ما عليهم، ولا يمكن أن نطوّقهم بأسوار كلاميّة وفلسفيّة وعرفانيّة ومن ثمّ أصوليّة ونسقط النّصوص المرويّة عنهم ـ صدوراً أو دلالةً ـ استناداً إلى هذه الأسوار المذهبيّة الفاسدة؛ فهذه أوهام لا مكان لها في سوق العلم، فتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر
#الباقر_المذهبي