#روى الكلينيّ المتوفّى سنة: “329هـ” بإسناده الصّحيح عنده عن محمّد بن عمر، عن بعض من حدّثه، قوله: إنّ الباقر “ع” «كان يقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمّام إلّا بمئزر»، وذات يوم دخل الباقر “ع” الحمّام «فتنوّر، فلما أن أطبقت النّورة على بدنه ألقى المئزر، فقال له مولى له: بأبي أنت وأمّي، إنّك لتوصينا بالمئزر ولزومه، وقد ألقيته عن نفسك؟! فقال: أ ما علمت أنّ النّورة قد أطبقت العورة». [الكافي: ج1، ص302].
#كما روى الكليني والصّدوق بإسنادهما الصّحيح عندهما أيضاً عن عبيد الله الدّابقي أو الرّافقي أو المرافقي إنّه قال: «دخلت حماماً بالمدينة فإذا شيخ كبير، وهو قيّم الحمّام، فقلت يا شيخ، لمن هذا الحمّام؟ فقال: لأبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين “ع”، فقلت: كان يدخله؟ قال: نعم، فقلت: كيف كان يصنع؟ قال: كان يدخل فيبدأ فيطلي عانته وما يليها، ثمّ يلفّ على طرف إحليله، ويدعوني فأطلي سائر بدنه، فقلت له يوماً من الأيام: الّذي تكره أن أراه قد رأيته، فقال: كلا؛ إنّ النّورة سترة». [الكافي: ج6، ص497؛ الفقيه: ج1، ص117].
#وقد علّق شيخ المحدّثين الإثني عشريّة المجلسي المتوفّى سنة: “1110هـ” على هذه الرّواية بعد وصف إسنادها بالضّعيف على المشهور بقوله: «ويدلّ على أنّ عورة الرّجل سوأتاه لا غير، وعلى أنّ الواجب ستر الّلون لا الحجم، ويمكن أن يكون ما رآه غير السوأتين ممّا يقرب منهما، ولعله أظهر وأصوب وأنسب بسيرتهم “ع”، مع أنّ الرّاوي غير معلوم الحال، ولعل المصنّف [أي الكليني] لو لم يورد مثل هذا الخبر كان أولى». [مرآة العقول: ج22، ص398 ].
#ورغم استنكارنا لمثل هذه الّلغة في التّعاطي مع المورورث والّتي تُريد أن تفرض على نَقَلَتهِ ما تريده فقط، واستنكارنا أيضاً لاستبعاد بعضهم صدوره من الإمام انسياقاً مع الصّورة النّمطيّة المثاليّة المرسومة في ذهنه عنه واضطراره إلى التمسّك بالرّواية نفسها من أجل تأييد مختاره فقهيّاً [موسوعة الخوئي: ج12، ص96]، لكنّا نتمنّى على الجميع أن يقرأ أمثال هذه النّصوص بواقعيّة، ويتفهّمها في ظلّ ظروف حمّامات تلك الأزمنة وطبيعة ألبسة شخوصها، بعيداً عن الهروب إلى الأمام بإسقاطها أو تأويلها، فليُتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر