#بقيت فلسفة الغَيبة بقراءتها الشّيعيّة سرّاً محيّراً على مرّ تاريخ ظهورها وتداولها وحتّى الّلحظة، وقد تعرّض مفهومها الأثنا عشري إلى هزّات عنيفة وشديدة جدّاً لم يُسعفه فيها مسعف سوى الإيمان بالغيب، ورغم إنّ الإيمان بالغيب مقولة عظيمة ينبغي أن تسود بين جميع المعتقدين بوجود عالم وراء عالم الشّهادة لكنّنا لا يمكن أن نُلزم المؤمنين بهذه المقولة وعالمها أن يؤمنوا بمفردة ـ كالغيبة ـ دون أن نثبت لهم أصل وجود صاحبها بالبرهان واليقين والجّزم على طريقة ثبّت العرش ثمّ دشّن بيت إيمانك، ومن دون ذلك تصبح المطالبة بضرورة الإيمان بأصل وجود هذه المفردة أشبه بالحديث الأسطوري الّلاغي؛ لذا ينبغي الابتعاد عن سياسة ذرّ الرّماد في عيون الموالين والضّحك على ذقونهم من خلال بيان إنّها مقولة غيبيّة إيمانيّة؛ فإنّ إثبات هذا فرع إثبات ذاك، وعلينا إيلاء عناية مركّزة لأجل هذا الموضوع بغية تثبت إيمان النّاس على ركائز عقلانيّة سليمة. والله من وراء القصد.