الإصرار على إبقاء سكينة أرملة ودوافعه المذهبيّة والمنبريّة!!

تركّب العقل المذهبيّ الهجين بطريقة عشائريّة مربكة ومرعبة؛ بحيث تجده يتعامل مع النّصوص الرّوائيّة الصّحيحة والأحداث التّاريخيّة المشهورة بطريقة لا تمتّ للعلم ولا للمعرفة بصلة؛ فيسقط حاضره العشائري المذهبي العاطفي على ماضيه، ويقيّم ويقوّم الأحداث على أساسه، وهذه خيبتنا المستمرّة.

فإذا قلت له مثلاً: إنّ محقّقي علماء الأنساب والرّجال سنّة وشيعة متّفقون على زواج سكينة من مصعب بن الزّبير، تراه يرعد ويزبد وتنتفخ أوداجه، ويُصرّ على إبقاء سكينة أرملة عازبة طيلة حياتها، وأنّ من المحال أن تنزل بنت سيّدة الأُباة لمثل هذه الزّيجات غير المتكافئة معها نسباً، و «تتضامن لتلك الضّعة نزولاً منها على حكم الشّهوة… إنّ السيّدة سكينة لم تستبد في الرّأي في أمورها دون وليّها زين العابدين، ومن المقطوع به أنّه لا يرى لأيّ زبيريّ أو أمويّ كفاءة لمصاهرته، كيف ونصب عينه أحقاد القوم وتحزّباتهم عليه وعلى الدّين… وكلّ أحد يجد في نفسه التّباعد عن مصاهرة من يحرّش عليه ويطعن بمقدّساته وإن بلغ من الشّرف أقصاه، بل حتّى لو كان شقيقه من أبيه وأمّه»!!

وحينما تقول له: إنّ هذا المنّطق في التّعامل مع الأحداث التّاريخيّة خاطئ، وعلينا العودة إلى المناهج الحديثيّة المتّبعة في هذا الفنّ، وعلينا أن نفحص المصادر المعتبرة عندنا وعندهم لنقيّم حقّانيّتها، ولا يصحّ أن نسقط الأحداث المرويّة من خلال نظّارتنا المذهبيّة العشائريّة المنبريّة المعاصرة، يهرب للأمام ويقول لك: إنّ شيخ فلان وسيّد فلان أنكروا ذلك، وهو لا يدري: أنّ أقوال هؤلاء السّادة والمشايخ لا وزن لها في معيار العلم، وإنّما الميزان هو الدّليل العلمي الموضوعي، لا المذهبيّات العاطفيّة.

كما أنّ جهل التّفريق بين وليّ المرأة العشائري العرفي ووليّها الفقهي الدّيني أمر فاضح، وتوهّم أنّ سكينة كانت تؤمن بالإمامة الإلهيّة لزين العابدين ليكون وليّها المذهبي لا يقلّ شناعة عمّا قبله، وأنّ الصّورة الطّائفيّة البغيضة في علاقة عليّ بن الحسين الملقّب بزين العابدين مع معاصريه من البيوتات أمر يحتاج إلى تأمّل وافر والمرويّ خلافه أيضاً، لكنّ الإصرار على إبقاء بنات الحسين أرامل حتّى نهاية حياتهنّ تقف خلفه أجندات مذهبيّة ومنبريّة معروفة، فليُتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.

https://www.facebook.com/jamkirann/posts/3629993887122909