إيقاظ الرّسول لعليّ وفاطمة!!

#روى البخاري المتوفّى سنة: “256هـ” في باب: “تحريض النّبيّ “ص” على قيام الّليل والنّوافل من غير إيجاب”، وروى مسلم المتوفّى سنة: “261هـ” في باب: “فيمن نام الّليل أجمع حتّى أصبح”، بإسنادهما الصّحيح عندهم، عن الزّهري إنّه قال والّلفظ للبخاري: «أخبرني: عليّ بن حسين، أنّ حسين بن علي أخبره: أنّ علي بن أبي طالب أخبره: «أنّ رسول الله “ص” طرقه وفاطمة بنت النّبي “ع” ليلة، فقال: “ألا تصليان؟ فقلت: يا رسول الله، أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف [“ص”] حين قلنا ذلك، ولم يُرجع إليّ شيئاً، ثمّ سمعته وهو مولٍّ يضرب فخذه وهو يقول: “وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً [الكهف: 54]». [صحيح البخاري: ج2، ص50، ط طوق النّجاة، صحيح مسلم: ج2، ص518، ط دار التّأصيل؛ مناقب آل أبي طالب: ج2، ص46].
#کما روى أحمد المتوفّى سنة: “241هـ”، والنَّسائي المتوفّى سنة: “303هـ” بأسانيدهم الصّحيحة عندهم، عن حكيم بن حكيم، عن الزّهري، عن عليّ بن حسين، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن أبي طالب قوله: «دخل عليَّ رسول الله “ص” وعلى فاطمة من الّليل، فأيقظنا للصّلاة، قال: ثمّ رجع إلى بيته فصلى هَويَّاً من الّليل، قال: فلم يسمع لنا حسّاً. قال: فرجع إلينا فأيقظنا، وقال: قوما فصلّيا، قال: فجلست وأنا أعرك عيني وأقول: إنّا والله مانصلّي إلّا ما كُتب لنا، إنّما أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، قال: فولّى رسول الله “ص” وهو يقول ويضرب بيده على فخذه: ما نصلّي إلّا ما كُتب لنا! ما نصلّي إلّا ما كتب لنا! وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً». [مسند أحمد: ج2، ص113، ط الرّسالة؛ ج1، ص474، ط دار الحديث؛ سنن النّسائي: ج3، ص206، ط مكتبة المطبوعات الإسلاميّة].
#وحينما تُعطي هذه الرّواية وأسانيدها إلى محقّقي أهل السُنّة الكبار يرون أنّ سندها «من أصحّ الأسانيد ومن أشرف التّراجم الواردة فيمن روى عن أبيه عن جده»، ويموضعون مضمونها في إطار الاجتهاد الّذي لا يضرّ بمكانة عليّ “ع” حسب تعابيرهم، كما أنّ إيقاظ الرّسول “ص” عليّاً وفاطمة لأجل صلاة الّليل مرّتين يُعدّ «حثّا لهما على ذلك فى وقت جعله الله لخلقه سكنًا، لَمَّا علم عظيم ثواب الله عليها، وشرّفت عنده منازل أصحابها، اختار لهم إحراز فضلها على السكون والدعة». أمّا ضربه فخذه وقراءته الآية فذهب بعضهم إلى دلالته على أنّه “ص” «ظنّ أنّه أحرجهم فندم على إنباههم، وذهب آخرٌ إلى أنّه «ضرب فخذه تعجباً من سرعة جوابه وعدم موافقته له على الاعتذار بما اعتذر به». [شرح ابن بطّال على البخاري: ج3، ص115، مكتبة ابن رشد؛ شرح النّووي على مسلم: ج6، ص65، ط دار إحياء التّراث؛ فتح الباري: ج4، ص315، تحقيق: الأرنؤوط].
#قال بعض المعاصرين في مقام التّعليق على هذه الرّواية: «ليتأمل المسلم كيف احتج النّبي “ص” بهذه الآية على عليّ “رض” لاعتذاره عن عدم قيام الّليل بالقدر، مع أنّ هذه الصّلاة نافلة، ومع احتمال أن يكون معذوراً في تلك السّاعة، فكيف يكون ردّه “ص” على هؤلاء الفسّاق والمصرّين على ترك الفرائض، وارتكابهم الموبقات إذا احتجوا بالقدر؟!». [الألباني في حاشية الأدب المفرد: ص361، دار الصّديق].
#وحينما تُعطي هذه الرّواية إلى الموالي المذهبي العاطفي ـ والّذي ينطلق في تصحيح وتضعيف النّصوص من منطلقات كلاميّة وفلسفيّة وعرفانيّة ومنبريّة معروفة ـ يبادر فوراً لإنكارها، ويتّهم نقلتها بالنّصب والعداء لآل محمّد، ويقول: هل يُعقل أنّ عليّاً وفاطمة الّذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً بنصّ آية التّطهير ـ كما يسمّونها ـ يردّون الرّسول بهذه الطّريقة، وهل يُعقل أن يحتاج أمثالهم إلى من يوقظهم لصلاة الّليل وهم الّذين قضوا حياتهم عبادة وتسبيحاً وانقطاعاً إلى الله، فلا شكّ في أنّه مكذوب موضوع منحول، من دون تقديم دليل ملموس على الوضع سوى الأوهام المذهبيّة، ويوجّهون الاتّهام إلى الزّهري في وضعه، وأنّه كان ينال من عليّ بن أبي طالب، وبهذه الطّريقة ينتهي كلّ شيء!!
#وحينما تُعطي الرّواية أعلاه للباحث المحايد ـ والّذي لا يصحّح ويضعّف النّصوص وفقاً للمقولات المذهبيّة المولودة لاحقاً ـ فلا يجد فيها ما يسيء للطّبيعة البشريّة لعليّ وفاطمة “ع”؛ أمّا سندها فلا يرى في أيّ من رواتها ملامح لوضعها سيّما الزّهريّ الّذي تواترت الأخبار في محبّته للسجّاد “ع” وهو أحد أهمّ رواة حديث #غضب_فاطمة، أمّا مضمونها فعليّ وفاطمة زوجان شابّان وفي مقتبل حياتهما، وليسا مجبرين على النّهوض ليلاً لأداء نوافله، ولهذا خاطبا الرّسول بهذه الصّيغة وتفّهم “ص” ذلك منهما على مضض أيضاً، وكم لها من نظير في حياتنا اليوميّة بين الآباء وأبنائهم، على أنّ هذه الرّواية لا تدلّ على أنّ الرّسول لا يؤمن بضرورة تطبيق بعض الأحكام بالقوّة، لكنّ فاطمة وعليّاً يمتلكان حصانة خاصّة، ولهذا اكتفى الرّسول بالتّذمرّ وإبراز الامتعاض، مع أنّ عليّاً ناقشه بطريقة علميّة، وفي الرّواية فوائد ليس هنا محلّ ذكرها.
#المؤسف: أنّ الوعي الاثني عشريّ المعاصر يحسب أنّ قبول هذه الرّواية هو إساءة لفاطمة وعليّ، ونصباً وعداءً لهما، وهذه جهالة ما بعدها جهالة؛ إذ إنّ عليّاً وفاطمة بوجودهما الواقعيّ الّذي كشفت عنه النّصوص غير المفلترة يختلفان تماماً عن عليّ وفاطمة بوجودهما المذهبيّ المولود لاحقاً والمنبثق من نصوص مذهبيّة ومقولات كلاميّة وفلسفيّة وعرفانيّة بعديّة، ولهذا نلاحظ أن شخصاً كابن شهر آشوب المازندراني المتوفّى سنة: “588هـ” ينقلها في كتابه المناقب الّذي حمل ما شاء الله من الأساطير ولم يسجّل ملاحظة عليها وإنّما بادر لتأويلها، ولم يحتمل عاقل أنّه ناصبيّ يُريد الإساءة لهما، بل عدّها من مناقبه “ع”، فتأمّل كثيراً إن كنت من أهله، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر
#عليّ_المذهبي
#فاطمة_المذهبيّة
#غضب_فاطمة