يقف أمام دعوى الإعجاز القرآنيّ للعرب في تلك الّلحظة الزّمنيّة اعتراضان جادّان:
الأوّل: من أين حصل العلم بأنّ العرب لم يأتوا بمثله؛ إذ ربّما أتوا بمثله ولم يصلنا، ومن مجرّد عدم وصوله لا يمكن العلم بعدم إتيانهم بمثله.
الثّاني: ربّما يكون عدم إتيانهم بمثله من باب الإعراض وعدم الاكتراث، لا من جهة عجزهم بحيث أرادوا وفعلوا وأخفقوا.
وفي مقام الإجابة على هذين الاعتراضين نصّ المحدّث النّوري المتوفّى سنة: “1320هـ” على ما ترجمته: «وإجابة هاتين الشّبهتين متوافرة في كتب النّبوّة الخاصّة؛ وذلك لوجود استحالة بحسب العادة أن يأتوا بمثله ولا يصل إلينا، مع وجود كلّ أولئك الأعداء من أهل الكتاب والمشركين الّذين كانوا بصدد التّضييع والتّكذيب؛ وذلك لأنّ أيّ عاقل لا يصدّق بأنّ المجيء بمثيل سورة واحدة سيسبّب مسامحة ومضايقة لهم مع القدرة بحيث تُبطل جميع دعاواه “ص” المدّعاة من نفسه، ويضع نفسه في معرض القتال والجدال والنّهب وغارة الأموال وسبي النّساء والأطفال». [ردّ فارسي مخطوط كتبه المحدّث النّوري على الطّهراني المعرّب].
ونحن نتحفّظ كثيراً على مثل هذه الإجابات خصوصاً ما طُرح على الاعتراض الثّاني في بعض الكلمات المعاصرة؛ إذا يُمكن إبراز التحفّظ وتعميقه بمثال معاصر؛ فهو نظير من يدّعي الاجتهاد والأعلميّة على عموم مجايليه في الأوساط العلميّة الحوزويّة الاثني عشريّة، ويتحدّاهم أن يناظروه ويأتوا بمثل ما كتبه أيضاً، فإنّ عدم إقدامهم لا يفضي لإثبات مدّعياته على الإطلاق؛ إذ هو لازم أعمّ قد يكون ناتجاً من عدم اعتنائهم وسخريتهم ووصفهم إيّاه بالجنون أو الجهل المركّب مثلاً، ولهذا فلا يمكن أن يكون طريق التحدّي بالإتيان بالمثيل صالحاً بنحو دائم لإثبات حقانيّة المدّعيات العلميّة فضلاً عن الارتباط السّماوي الغيبي بهذا العرض العريض، فتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.