أسباب الغموض المذهبي لسيرة عليّ ونجليه “ع”!!

#يواجه الباحث المحايد مشكلة معرفيّة جادّة في كيفيّة التوفّر على مصادر تتحدّث عن سيرة عليّ بن أبي طالب ونجليه الحسنين “ع” وهو يُخاطب صنفاً خاصّاً من المذهبيّين الّذين يؤمنون بأنّ سيرة هؤلاء لا تصحّ ولا تعتبر ما لم تمرّ عن طريق الصّحيح من روايات أهل البيت “ع” ومقاييس المتأخّرين فقط، بمعنى: إنّهم يشترطون في قبول أيّ واقعة أو حادثة أو نصّ صدر من عليّ ونجليه “ع” أن يمرّ سنده بالصّادق أو الباقر “ع” مثلاً، أو يقبلونها ما دامت منسجمة ومتّفقة مع ما تقرّره متبنّياتهم المذهبيّة وتربيتهم المنبريّة.
#ومن الواضح إنّ هذا يعني إسقاطاً لمعظم الحقائق التّاريخيّة الثّابتة في سيرة هؤلاء الأشخاص وأقوالهم وأفعالهم وأقاريرهم؛ لأنّ الأئمّة الّلاحقين لهم لم يتحدّثوا إلّا عن نزر يسير جدّاً من سيرتهم ونصوصهم ولأغراض معيّنة ومعروفة، كما أنّ الرّواة الآخرين الّذين رووا سيرتهم وأقوالهم لا تتوفّر فيهم شرائط الوثاقة المعروفة في المذهب الاثني عشريّ، ولهذا نجد أنّ سيرة عليّ ونجليه “ع” غائبة لفترات طويلة جدّاً من حياتهم ويحوطها الغموض التّام.
#وذلك: لأنّ سيرة عليّ بن أبي طالب “ع” في زمن الرّسول “ص” لا يُعرف منها سوى الأحاديث المقتطعة من سياقها من كتب أهل السُنّة في فضله وشجاعته وعلمه وأمثال ذلك، وبعد رحيل الرّسول “ص” وحكاية الخلافة ورحيل فاطمة “ع” المبكّر يدخل عليّ “ع” في غموض تامّ في فترة ما يُسمّى بالخلافة الرّاشدة، ولا يُظهرون لجماهيرهم من سيرته سوى رجوع الخلفاء إليه في القضاء والإفتاء وأمثال ذلك بما يخدم مذهبيّتهم، وهكذا حتّى بيعته وحروبه الثّلاثة ومقتله حيث تجد أكاذيب نهج البلاغة هي الحاكمة على المشهد.
#كما أنّ سيرة الحسن بن عليّ “ع” لا يُعرف منها شيء سوى الحديث العامّ وبطريقة كاذبة عن تسويته مع معاوية بن أبي سفيان وشروطها لكي يمهّدوا الأرضيّة المذهبيّة لحركة الحسين بن عليّ “ع”، كما أنّ سيرة الأخير المعروفة في الواقع الاثني عشريّ لا تتجاوز الستّة شهور تبدأ من رجب عام: “60هـ” وتنتهي بمقتله في عاشوراء محرّم: “61هـ”.
#لا شكّ في أنّ مثل هذه المحاولة سعى لها المؤسّسون منذ فترة طويلة؛ حيث عرفوا بأنّ فتح مثل هذا البحث سيفضي إلى إسقاط جملة وافرة من المقولات الكلاميّة والفلسفيّة والعرفانيّة الفاسدة الّتي طوّقوا عليّاً وأنجاله “ع” بها؛ لأنّ سيرتهم ومواقفهم ونصوصهم “ع” تناقض هذه المقولات المذهبيّة الّلاحقة تماماً، لذا وجدوا أنّ أفضل طريق هو تعميق الصّورة النمطيّة الغارقة في المثاليّة المرسومة عندهم في الأذهان من خلال الأساطير والأوهام والأكاذيب، وسدّ باب الحقائق من خلال ادّعاء أنّ ما يُروى في كتب السُنّة ليس بملزم لنا، بل هو من وضع الوضّاعين وانتحال المبطلين، وإذا وجدوا ما ينسجم مع ما يُريدون ولو من بعيد: طاروا فرحاً وقالوا: والفضل ما شهدت به الأعداء!!
#نحن معنيّون بكشف هذه الحقائق، وإظهار سيرة عليّ ونجليه “ع” كما هي واردة في نصوص المسلمين وصحاحهم وتواريخهم، ولا شكّ في أنّنا نقرأ هذه النّصوص بنظرة الباحث الفاحص النّاقد؛ فما دامت منسجمة تمام الانسجام مع أفق تلك المرحلة وطبيعة رجالها وتفكيرها، بل ونصوصها الدّينيّة الموجودة في القرآن ونصوص الرّسول “ص”، سيّما وأنّ جملة منها منسجمة تمام الانسجام مع ما روي في تراثنا الاثني عشريّ بالأسانيد الصّحيحة أيضاً، فلا مانع حينذاك من قبولها، نعم؛ سيبادر من انطبعت في ذهنه صورة نمطيّة غارقة في المثاليّة عنهم “ع” إلى إنكارها، وإنكار هذا المنكِر لا يعود إلى سلوكه طريقاً علميّاً منهجيّاً لإسقاطها، بل ينبثق من أوهام مذهبيّة حكّمت له في ذهنه تلك الصّورة المثاليّة، فيحسب أنّ كلّ ما يخالفها زخرف باطل لا يصحّ عنه، وهذه هي أزمة المذهب الخالدة، فتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر
#عليّ_المذهبي
#الحسن_المذهبي
#الحسين_المذهبي