أساطير لإثبات إمامة ما بعد الوقوع!!

#روى قطب الدّين الرّاوندي المتوفّى سنة: “573هـ” في كتابه المعروف: “الخرائج والجّرائح” عن المفضّل بن عمر قوله: «لمّا مضى الصادق “ع” كانت وصيته‏ في الإمامة إلى موسى الكاظم “ع”، فادّعى أخوه عبد الله الإمامة وكان أكبر ولد جعفر [الصّادق] “ع” في وقته…، وهو المعروف بالأفطح، فأمر موسى الكاظم “ع” بجمع حطبٍ كثيرٍ في وسط داره فأرسل إلى أخيه عبد الله يسأله أن يصير إليه، فلما صار عنده ومع موسى [الكاظم] “ع” جماعة من وجوه الإمامية فلما جلس إليه أخوه عبد الله أمر موسى [الكاظم] “ع” أن تضرم النار في ذلك الحطب فأضرمت ولا يعلم الناس السبب فيه حتّى صار الحطب كله جمراً ثم قام موسى [الكاظم] “ع” وجلس بثيابه في وسط النار وأقبل يحدّث القوم ساعة ثم قام فنفض ثوبه ورجع إلى المجلس، فقال: لأخيه عبد الله إن كنت تزعم أنّك الإمام بعد أبيك فأجلس في ذلك المجلس؟ قالوا: فرأينا عبد الله قد تغيّر لونه فقام يجر رداءه حتى خرج من دار موسى [الكاظم] “ع”». [الخرائج والجّرائح: ج1، ص308؛ بحار الأنوار: ج47، ص251].
#ولي في المقام ملاحظات سريعة:
#الأولى: إنّ هذه المرويّات وأضرابها تمثّل مجسّاً مهمّاً يمكننا من خلاله معرفة الأفق الّذي حكم مؤلّفي تلك المرحلة ولا زالت سطوته باقية حتّى اليوم، وإنّ الإرسال أو الضّعف السّندي لها غير ضّارٍ فيما نحن فيه على الإطلاق؛ لأنّنا لا نريد استنباط حكم شرعيّ أو عقديّ منها، بل نريد منها كاشفيّتها عن أفق تلك المرحلة، وهذه الكاشفيّة لا تتوقّف إلّا على إثبات صحّة نسبة الكتاب إلى تلك المرحلة لا غير.
#الثانية: كشفنا في مقالات سابقة عن الأزمة الحقيقيّة الّتي واجهت كبار متكلّمي الشّيعة ومحدّثيهم في سبيل تثبيت إمامة الكاظم “ع” بطريقة #إلهيّة حيث المنافحة والمناكفة مع الاتّجاهات والمذاهب الأخرى؛ وهذه الأزمة اضطرّتهم إلى استخدام عدّة آليّات في سبيل ذلك ومنها الّلجوء إلى أساطير كان مستوى الوعي الشّيعي في تلك الفترة مستعدّاً تمام الاستعداد لقبولها وعدم النّقاش والجدّال فيها، لكن المؤسف إنّ هناك توجّهاً كبيراً في داخل المنظومة الشّيعيّة المعاصرة يسعى جهد إمكانه إلى إبقاء مستوى الوعي الشّيعي على ما هو عليه بغية تمرير هذه الأساطير وأضرابها، وتزويقها بمفردات عاطفيّة وطائفيّة لاستمرار الوضع على ما هو عليه.
#الثّالثة: المسؤوليّة الجّسيمة المُلقاة على عاتق المؤمنين بخطّ أهل البيت “ع” تقتضي إزاحة أمثال هذه الأدغال والأشواك من طريقهم “ع”، وإنارة محبّيهم ومواليهم بعقلانيّتهم وتواضعهم وأخلاقهم وعلمهم، وبيان دور الرّواة في تغيير مسارهم وأهدافهم… .
#نسأل الله تعالى أن يوفّق السّائرين في هذا الطّريق لما فيه الخير والصّلاح، وأن يعينهم على تحمّل المعكّرات والمضجّرات الكثيرة الّتي يسعى جملة من الطّائفييّن وأضرابهم في وضعها وإثارتها أمام هذا التّنوير، ومن الله التّوفيق.