آية الوضوء ودليل عدم الاهتمام السّماوي!!

#حينما تقرّر السّماء إدراج طريقة الوضوء في نصّ دستوريّ دينيّ دائميّ لعموم البقاع والأصقاع بمختلف ألسنتها وألوانها حتّى نهاية الدّنيا، فعليها ـ إذا ما أرادت أن تصحّح وتُبطل وتُعاقب وتُثيب على أساسه ـ أن تكتبه بطريقة واضحة جليّة يفهمها عموم بني البشر في طول عمود الزّمان ولو عن طريق ترجمته السّهلة اليسيرة إلى لغاتهم، دون اختلاف ولا اشتباه ولا تعدّد احتمالات؛ لكي يتمّ البيان حينذاك، ويحسن العقاب للمخالف حينها أيضاً.
#لكنّ ما نلاحظه في آية الوضوء غير ذلك؛ حيث وقع الاختلاف الشّديد بين النّاطقين بالّلغة العربيّة أنفسهم فضلاً عن غير ناطقيها في الحالة الإعرابيّة لمفردة: «وأرجلكم»، فهل هي بالنّصب أو بالجرّ، وبالتّالي: فهل يجب غسلهما أو مسحهما، كما وقع الاختلاف في دلالة حرف «إلى» أيضاً، وهل هي لتحديد الغسل أم المغسول…إلخ من اختلافات معروفة راجعة إلى فهم آية الوضوء.
#وفي ضوء هذا المثال القرآني البسيط نسأل: هل يمكن لصاحب هذا النصّ الاحتجاج على مخاطبيه وإلزامهم الحجّة وبالتّالي إبطال وضوئهم ومعاقبتهم على مخالفة المحتملات؟!
#لا شكّ في أنّ الجواب سيكون بالنّفي؛ لأنّ الإبطال والمؤاخذة إنّما تحسنان في حالة إتمام البيان، وهو مفقود في المقام.
#إن قلت: إنّ القرآن بمفرده غير ملزم لأحد، وإنّما ينبغي ضمّ السنّة أو العترة إليه، وقد أوضحت السنّة أو العترة معاني القرآن بما لا لبس فيه؟!
#أقول: أمّا السنّة فرغم أنّ دعوى عدم إلزام القرآن بمفرده لا يقرّ بها معظم المسلمين لعدم تماميّة دليلها، إلّا أنّ إثبات دستوريّته الاقتضائيّة الّتي تربط تنجيز وتعذير معانيه ومفرداته ومضامينه بإقرار السنّة لها لو تمّت ـ ولا تماميّة لها وفق مقاييسهم ـ فهو يتوقّف على إثبات التوثّق من صدورها وتوفّرها بالطّريقة وبالمستوى الّذي أُثبت النصّ القرآنيّ من خلاله أوّلاً، وإثبات توفّر مضامين نبويّة ناظرة ومفسّرة وموضّحة لعموم الآيات القرآنيّة ثانياً، وهما أمران متعسّران ومتعذّران.
#أمّا العترة: فرغم أنّ القرآن بنفسه لم يتحمّل مسؤوليّة تحديد العترة لا مفهوماً ولا مصداقاً، إلّا أنّ طريق التوثّق من أقوال العترة ليس على حدّ التوثّق من نصوص القرآن الواصلة؛ إذ لم يكتب أحد من العترة المفترضين كتاباً بنفسه أو بإشرافه المباشر ووفّر دواعي وصوله إلينا، كما أنّ رواياتهم الواصلة متعارضة متخالفة في خصوص الكشف عن الواقع الدّيني وفيها ما فيها من مشاكل لا تخفى على ذي مسكة، فرجع الإشكال من رأس، وعادت الحجيّة للعترة لا للقرآن، وهو خُلف فرض الحجيّة الاقتضائيّة المطروحة في الاستشكال.
#فتلخّص ممّا تقدّم: أنّ دعوى جديّة السّماء بكتابة الظّاهرة القرآنيّة الصّوتيّة وتحويلها إلى دستور دينيّ دائميّ لعموم بني البشر حتّى نهاية الدّنيا فاسدة جدّاً، بل الدّليل على خلافها أدلّ، فتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
https://www.facebook.com/jamkirann/posts/3390494697739497