#يُجمع فقهاء المذهب الاثني عشريّ على تصنيف من يسمّونه “النّاصب” في عداد الكفّار، ويرتّبون على ذلك أحكاماً فقهيّة عدّة معروفة، من قبيل: نجاسته وجواز قتله مع أمن الضّرر…إلخ من بيانات وشروط مذكورة في مظانّها، ومستند هذا الحكم هو: الرّوايات الكثيرة الواردة عن الأئمّة المؤسّسين ومقلِّدتهم.
#وحينما تسأل الفقهاء والمراجع الاثني عشريّة عن معنى النّاصبي يُجيبونك بجواب هلامي يقرّر أنّه من ينصب العداء لأهل البيت المعروفين، ويضمر لهم البغيضة والعداء، وينفي حقوقهم وامتيازاتهم ومكانتهم عن عمد وعلم، وبهذه الطّريقة يحاولون إخراج عموم المسلمين البسطاء عن هذا الوصف؛ لأنّهم سيقولون لك: وهل يُوجد مسلم يؤمن بالله ورسوله وهو ينصب العداء لأهل البيت، ويسلبهم حقوقهم وامتيازاتهم الثّابتة عن علم وعمد، وبهذه الطّريقة يحصرون وصف النَّصب في أفراد نادرة جدّاً باصطلاحهم!!
#لكنّني اليوم أريد أن أوضّح حقيقة هذا التّمويه، وكذب هذا الطّلاء؛ لأقول: إنّ مؤدّى كلامهم في الحقيقة والواقع هو الحكم بنصب وكفر عموم من لا يؤمن بالصّيغة الاثني عشريّة من المذهب وعرضها العريض، ولا يقتصر هذا الأمر على من يُعلن العداء جهاراً نهاراً لأهل البيت، أمّا بيان ذلك فيتطلّب إيجاز مقدّمة:
#أوضحنا في بحوث سابقة بأنّ للأئمّة المؤسّسين شخصيّتين: ظاهرة وباطنة، وأنّ الأولى هي الشّخصيّة المتّزنة المنساقة مع المسار الإسلاميّ العامّ، والّتي يحترمها ويجلّها كثيراً عموم المسلمين، وبالتّالي: فلا يوجد بغض ولا حقد ولا كراهيّة ولا نصب لهم تجاهها، لكنّ الثّانية هي المتمرّدة على المسار الإسلاميّ العام، والّتي تكفّر وتفسّق وتضلّل رموز الطّرف الآخر وأتباعهم أيضاً.
#وهذه الثّانية: يسلّم عموم المسلمين بكذبها ومنحوليّتها عليهم، ويرونها هي والنّصوص الرّوائيّة المتولّدة منها من وضع الغلاة وكذبة أهل الكوفة وقم، وإلّا فالأئمّة منها براء، ولهذا يكفّرون الشّيعة الاثني عشريّة المؤمنين بهذه النّصوص الرّوائيّة المنبثقة من هذه الشّخصيّة الثّانية للأئمّة المؤسّسين وما ترشّح منها، لكنّهم لا يكفّرون أئمّتهم كما نوّهنا؛ لأنّهم لا يؤمنون بأنّ هذه النّصوص صادرة منهم أصلاً.
#في ضوء هذه المقدّمة المختصرة والمقتضبة والّتي تقدّم تفصيل الحديث عنها فيما سبق أقول: الثّابت الجزمي والقطعيّ وفقاً لمقاييس عموم الفقهاء الاثني عشريّة بمختلف توجّهاتهم وميولهم أنّ للباقر المتوفّى سنة: “114هـ” وللصّادق المتوفّى سنة: “148هـ” قناعات اعتقاديّة وفقهيّة مختلفة تماماً عن المسار الإسلاميّ العامّ، ولو ثبت لدى عموم المسلمين الآخرين انتساب هذه القناعات لهم لحكموا بكفرهم وفسقهم وانحرافهم ووجوب قتلهم أيضاً؛ ولهذا كان هؤلاء الأئمّة يخفون تلك القناعات، ويتمظهرون بشخصيّتهم الأولى أمام المسلمين من غير أصحابهم فقط؛ وهذا أحد مسارات باب التقيّة المطروحة عندهم.
#وهنا نسأل: لو تمكّن عموم المسلمين من الاطّلاع على حقيقة هذه الأقوال والآراء والفتاوى للباقر والصّادق بطريق ما، وثبت لهم بالدّليل والبرهان انتسابها لهم، لما تردّدوا في الحكم بكفرهم وفسقهم وانحرافهم ووجوب قتلهم، وعلى هذا الأساس: فإنّهم سيصبحون من دون شكّ من أبرز وأوضح مصاديق النّواصب وفقاً لمقاييس المنظومة الفقهيّة الاثني عشريّة، وبالتّالي: سيحكم فقهاء هذه المنظومة عليهم بالكفر والنّجاسة وجواز القتل…إلخ انسياقاً مع الرّوايات الصّحيحة والمسلّمة والقطعيّة الواردة عن هؤلاء الأئمّة المؤسّسين، وبعبارة مختصرة: هو ناصبيّ وعدوّ لباقرك وصادقك الّذي صوّرته رواياتك القطعيّة والجزميّة عندك، وهو ليس بناصبيّ لباقره وصادقه الّذي صوّرته رواياته ومرويّاته وكتبه، وفتوى كفر ونجاسة ووجوب قتل النّاصبي منصبّة على الأوّل لا الثّاني المفروض عنه، فافهم.
#في ضوء هذا التأصيل: لا تغرّنّك بيانات بعض الفقهاء والمراجع الاثني عشريّة المعاصرين حينما يدّعون أنّ عموم المسلمين محكومون بالإسلام ظاهراً وواقعاً…إلخ من بيانات استهلاكيّة معروفة؛ لأنّهم يعلمون تمام العلم أنّ عموم المسلمين لو علموا أنّ للباقر والصّادق مثل هذه القناعات الّتي يؤمن شيعتهم الاثنا عشريّة بها لحكموا بكفرهم وانحرافهم وضلالهم بل ووجوب قتلهم، لكنّهم ـ ولله الحمد ـ لا يعلمون بذلك، ويضعون مسؤوليّة توليد هذه القناعات على كذبة الشّيعة وغلاتهم، فتفطّن كثيراً كثيراً؛ كي تعرف المسبّب الحقيقي لمثل هذه البلاوي والمصائب، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر
https://www.facebook.com/jamkirann/posts/3248841071904861