النّاصبي في عرفهم يعني غير الاثني عشري!!

#يُجمع فقهاء المذهب الاثني عشريّ على تصنيف من يسمّونه “النّاصب” في عداد الكفّار، ويرتّبون على ذلك أحكاماً فقهيّة عدّة معروفة، من قبيل: نجاسته وجواز قتله مع أمن الضّرر…إلخ من بيانات وشروط مذكورة في مظانّها، ومستند هذا الحكم هو: الرّوايات الكثيرة الواردة عن الأئمّة المؤسّسين ومقلِّدتهم.
#وحينما تسأل الفقهاء والمراجع الاثني عشريّة عن معنى النّاصبي يُجيبونك بجواب هلامي يقرّر أنّه من ينصب العداء لأهل البيت المعروفين، ويضمر لهم البغيضة والعداء، وينفي حقوقهم وامتيازاتهم ومكانتهم عن عمد وعلم، وبهذه الطّريقة يحاولون إخراج عموم المسلمين البسطاء عن هذا الوصف؛ لأنّهم سيقولون لك: وهل يُوجد مسلم يؤمن بالله ورسوله وهو ينصب العداء لأهل البيت، ويسلبهم حقوقهم وامتيازاتهم الثّابتة عن علم وعمد، وبهذه الطّريقة يحصرون وصف النَّصب في أفراد نادرة جدّاً باصطلاحهم!!
#لكنّني اليوم أريد أن أوضّح حقيقة هذا التّمويه، وكذب هذا الطّلاء؛ لأقول: إنّ مؤدّى كلامهم في الحقيقة والواقع هو الحكم بنصب وكفر عموم من لا يؤمن بالصّيغة الاثني عشريّة من المذهب وعرضها العريض، ولا يقتصر هذا الأمر على من يُعلن العداء جهاراً نهاراً لأهل البيت، أمّا بيان ذلك فيتطلّب إيجاز مقدّمة:
#أوضحنا في بحوث سابقة بأنّ للأئمّة المؤسّسين شخصيّتين: ظاهرة وباطنة، وأنّ الأولى هي الشّخصيّة المتّزنة المنساقة مع المسار الإسلاميّ العامّ، والّتي يحترمها ويجلّها كثيراً عموم المسلمين، وبالتّالي: فلا يوجد بغض ولا حقد ولا كراهيّة ولا نصب لهم تجاهها، لكنّ الثّانية هي المتمرّدة على المسار الإسلاميّ العام، والّتي تكفّر وتفسّق وتضلّل رموز الطّرف الآخر وأتباعهم أيضاً.
#وهذه الثّانية: يسلّم عموم المسلمين بكذبها ومنحوليّتها عليهم، ويرونها هي والنّصوص الرّوائيّة المتولّدة منها من وضع الغلاة وكذبة أهل الكوفة وقم، وإلّا فالأئمّة منها براء، ولهذا يكفّرون الشّيعة الاثني عشريّة المؤمنين بهذه النّصوص الرّوائيّة المنبثقة من هذه الشّخصيّة الثّانية للأئمّة المؤسّسين وما ترشّح منها، لكنّهم لا يكفّرون أئمّتهم كما نوّهنا؛ لأنّهم لا يؤمنون بأنّ هذه النّصوص صادرة منهم أصلاً.
#في ضوء هذه المقدّمة المختصرة والمقتضبة والّتي تقدّم تفصيل الحديث عنها فيما سبق أقول: الثّابت الجزمي والقطعيّ وفقاً لمقاييس عموم الفقهاء الاثني عشريّة بمختلف توجّهاتهم وميولهم أنّ للباقر المتوفّى سنة: “114هـ” وللصّادق المتوفّى سنة: “148هـ” قناعات اعتقاديّة وفقهيّة مختلفة تماماً عن المسار الإسلاميّ العامّ، ولو ثبت لدى عموم المسلمين الآخرين انتساب هذه القناعات لهم لحكموا بكفرهم وفسقهم وانحرافهم ووجوب قتلهم أيضاً؛ ولهذا كان هؤلاء الأئمّة يخفون تلك القناعات، ويتمظهرون بشخصيّتهم الأولى أمام المسلمين من غير أصحابهم فقط؛ وهذا أحد مسارات باب التقيّة المطروحة عندهم.
#وهنا نسأل: لو تمكّن عموم المسلمين من الاطّلاع على حقيقة هذه الأقوال والآراء والفتاوى للباقر والصّادق بطريق ما، وثبت لهم بالدّليل والبرهان انتسابها لهم، لما تردّدوا في الحكم بكفرهم وفسقهم وانحرافهم ووجوب قتلهم، وعلى هذا الأساس: فإنّهم سيصبحون من دون شكّ من أبرز وأوضح مصاديق النّواصب وفقاً لمقاييس المنظومة الفقهيّة الاثني عشريّة، وبالتّالي: سيحكم فقهاء هذه المنظومة عليهم بالكفر والنّجاسة وجواز القتل…إلخ انسياقاً مع الرّوايات الصّحيحة والمسلّمة والقطعيّة الواردة عن هؤلاء الأئمّة المؤسّسين، وبعبارة مختصرة: هو ناصبيّ وعدوّ لباقرك وصادقك الّذي صوّرته رواياتك القطعيّة والجزميّة عندك، وهو ليس بناصبيّ لباقره وصادقه الّذي صوّرته رواياته ومرويّاته وكتبه، وفتوى كفر ونجاسة ووجوب قتل النّاصبي منصبّة على الأوّل لا الثّاني المفروض عنه، فافهم.
#في ضوء هذا التأصيل: لا تغرّنّك بيانات بعض الفقهاء والمراجع الاثني عشريّة المعاصرين حينما يدّعون أنّ عموم المسلمين محكومون بالإسلام ظاهراً وواقعاً…إلخ من بيانات استهلاكيّة معروفة؛ لأنّهم يعلمون تمام العلم أنّ عموم المسلمين لو علموا أنّ للباقر والصّادق مثل هذه القناعات الّتي يؤمن شيعتهم الاثنا عشريّة بها لحكموا بكفرهم وانحرافهم وضلالهم بل ووجوب قتلهم، لكنّهم ـ ولله الحمد ـ لا يعلمون بذلك، ويضعون مسؤوليّة توليد هذه القناعات على كذبة الشّيعة وغلاتهم، فتفطّن كثيراً كثيراً؛ كي تعرف المسبّب الحقيقي لمثل هذه البلاوي والمصائب، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر

https://www.facebook.com/jamkirann/posts/3248841071904861

السّيستاني وتكفير المسلمين الباطنيّ!!

#للواقعيّة والظّاهريّة اصطلاحات ومداليل مختلفة في الميدان الفقهي والأصولي والكلامي وغيرها أيضاً، فلا تغرّنك التّوظيفات الخاطئة والمموّهة لها من قبل بعض عرّابي المرجعيّات الدّينيّة في أيّامنا؛ فحينما يُقال إنّ السّيستاني يرى: «إنّ المسلم غير الاثني عشريّ مسلم واقعاً وظاهراً، لا ظاهراً فقط، ولذلك فإنّ عبادته ـ كصلاته وصومه وحجّه ـ تكون مجزية ومبرئة لذمّته من التّكليف بها إذا كانت مستوفية الشّروط»، فكلامه تامّ ووفقاً للمباني الّتي يختارها هو وجملة من الفقهاء الآخرين؛ لأنّ الواقع والظّاهر في أمثال هذه المواطن يُفترض تطابقهما بلحاظ الدّليل، سيّما مع تقييد الإجزاء بضرورة استيفاء العبادات للشّروط.
#ولكن ستكون للسّيستاني نفسه إجابة مختلفة تماماً إذا ما سألناه هذا السّؤال: هل يرى سماحتكم أنّ المسلم غير الاثني عشريّ مسلم ظاهراً وباطناً ـ ولو في عالم الآخرة ـ وفقاً لموازين الأئمّة المؤسّسين ورواياتهم الصّريحة والمعتبرة عندكم، أم هو مسلم ظاهراً فقط وفقاً لهذه الموازين؟!
#لا شكّ في أنّ السّيستاني سيجيب على البداهة وفقاً للمنظومة الكلاميّة والفقهيّة الاثني عشريّة الّتي كتب بها رسالته العمليّة: إنّ المسلم غير الاثني عشريّ هو مسلم ظاهراً وفقاً لهذه الموازين وهذه المداليل لاصطلاح الظّاهر والباطن، وكيف يمكنه أن يقول غير ذلك ورسالته العمليّة واضحة في تقرير خلافه؛ ومن يُراجع ما قرّره في شرح النّجاسة الثّامنة في أبواب النّجاسات ـ وهي الكافر ـ يرى تفصيل ذلك بوضوح، كما أنّ من يلاحظ حكمه بعدم إجزاء آذان غير الاثني عشريّ، وكذا عدم صحّة إمامته للجماعة، واحتياطه بعدم إجزاء استنابته في باقي العبادات أيضاً…إلخ من أمور عُدّ الإيمان ـ والّذي يعني التشيّع الاثني عشريّ ـ شرط صحّة أو قبول العبادات فيه، فسيلاحظ هذه الأمور واضحة وجليّة ومبثوثة فيه بوضوح تامّ.
#أتمنّى على الجميع أن يفكّر بعقله لا بأُذنه، وأن يبتعد عن العواطف والمشاعر المذهبيّة في تقييم الأمور، وأن لا يستغفل من يُصطلح عليهم بـ “عوام النّاس” بمثل هذه التّلبيسات والاصطلاحات، ويذهب صوب نصوص الأئمّة المؤسّسين الّتي كانت هي العامل الأساس والأوحد في تكفير باقي فرق المسلمين، وقلّدهم في هذا المشروع بعض أبنائهم وأحفادهم من الأئمّة المعروفين، وهكذا حتّى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من فتاوى الفقهاء المتّبعة حاقّ هذه النّصوص والمنساقة معها، ومن غير ذلك سنبقى في “نفس الطّاس ونفس الحمّام”، ونقاتل في سبيل الحفاظ على الصّورة النمطيّة الغارقة في المثاليّة المرسومة خطأً في أذهاننا عن الأئمّة المؤسّسين، ونتّهم أهل الدسّ والتّزوير بالافتراء عليهم في ذلك، فليُتأمّل في قولي هذا كثيراً؛ دفاعاً عن الحقيقة لا عن الأشخاص، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر

https://www.facebook.com/jamkirann/posts/3246901752098793

محمّد الصّدر وممارسة تحضير الأرواح!!

#لم يكن المرحوم محمّد الصّدر المستشهد سنة: “1419هـ” مروّجاً لثقافة تحضير الأرواح على مستوى أجوبة الاستفتاءات فقط، بل كان يمارس ذلك عمليّاً ويكتشف من خلالها أجوبة لحقائق تاريخيّة أيضاً، ويستند إليها دون استبعاد؛ فقد قال ذات يوم وهو يحاضر عن أحداث كربلاء وما جرى بعدها لرأس الحسين بن عليّ “ع” وتوظيفه لحكاية الأطروحات والّتي جُمعت في حياته تحت عنوان: «أضواء على ثورة الحسين “ع”» ما نصّه:
#إنّي شخصيّاً كنت موجوداً في ليلة من الّليالي قبل خمس وعشرين سنة تقريباً [أي في أيّام كتابته للموسوعة المهدويّة أو قبيلها] في جلسة من جلسات تحضير الأرواح، وقد خطر لي أن أسأل أحدهما قائلاً: هل تكلم رأس الحسين “ع”، وكان في حسباني أن يقول: نعم أو لا. فكان من العجب إنها قالت: تكلّم سبع مرات [!!]، فقلنا: لعله تكلّم بهذا المقدار ولم ينقل من التّاريخ إلينا، وإذا أمكن ذلك مرة أمكن مرّات‏ عديدة، وليس في قدرة الله بمستغرب». [أضواء على ثورة الحسين “ع”: ص244].
#ورغم أنّ أصل تكلّم رأس الحسين بن عليّ “ع” لم يثبت بطريق معتبر على الإطلاق فضلاً عن تكرّر كلامه أيضاً، لكنّ المؤسف أن يُلجأ لإثبات مثل هذه الوقائع الّتي لها طريقها المتعارف في علم الحديث عن طريق أمثال هذه الممارسات والتوهّمات، وكان المرجو من المرحوم محمّد الصّدر أن يعدّ مثل هذه التّجارب الفرديّة طبيعيّة ربّما في إطار عمره الزّمني والحوزويّ آنذاك، ويتجاوزها ويغلق الباب أمامها وهو يطرح مرجعيّته العامّة في تلك الظّروف، لكن أن تصبح مادّة أساسيّة في سلوكه وفتاواه ومنهجه ليتخرّج من خلالها ويستند إليها شريحة واسعة من محبّيه والملتصقين به، فهو أمر غريب ومعيب، وما لم يوجّه النّابهون بوصلة نقدهم إلى هذه الأساسات في تراث المرحوم محمّد الصّدر وسلوكه المرتبط بها فلا يمكن أن توجّه المسيرة بالاتّجاه الصّحيح، بل ستصبح ـ كما أصبحت أيضاً ـ مادّة دستوريّة لكلّ الحركات المذهبيّة المتطرّفة أو الّتي تُسمّى منحرفة أيضاً، ولات حين مناص، فليُتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر
#الموسوعة_المهدويّة
#المهدويّة_الإثنا_عشريّة

محمّد الصّدر وترويج ثقافة تحضير الأرواح!!

#قيل للمرحوم محمّد الصّدر المستشهد سنة: “1419هـ”: «هل يجوز شرعاً تحضير أرواح للاستخبار منهم عن أحوالهم وأحوال البرزخ وغير ذلك؟»، فأجاب: «بسمه تعالى: لا دليل على الحرمة ما لم يحصل عنوان ثانويّ محرّم كالإضرار أو الإكراه أو الاحتقار لبعض المؤمنين من الأحياء أو الموتى»، وسئل أيضاً: «هل يجوز تحضير الأرواح والجانّ؟»، فكان جوابه: «بسمه تعالى: نعم؛ إذا لم يضرّ ببعض المؤمنين من الإنس أو الجن»، واستفتي أيضاً حول هذا الموضوع بالقول: «ما حكم تحضير الأرواح واستخدام الجن؟ وذلك بأخذ معلومات تستخدم للخير فقط فما هي وجهة نظركم؟» فأجاب: «بسمه تعالى: ليس فيه حرمة ما لم يقترن بمحرّم». [مسائل وردود: ج2، ص108؛ ج3، ص69؛ ج4، ص90].
#كما استفتاه أحدهم قائلاً له: «لي صديق يقوم بعملية تحضير الأرواح، وقد حضرت معه عدّة جلسات، فهل هذه العملية محرّمة أم لا؟»، فأجابه: «بسمه تعالى: ليست محرّمة في نفسها، ما لم تقترن بعنوانٍ محرّم، كإكراه المؤمنين واحتقارهم من الأموات والأحياء والجنّ والإنس ونحو ذلك». [الرّسائل الاستفتائيّة: ص403].
#كما قيل له أيضاً: «ما حكم العلم الأبيض “السّحر” الّذي يستخدم للخيرات، عكس المستخدم الأسود عند الأشرار؟» فأجاب ما نصّه: «بسمه تعالى: لا اعتقد أنّ في استخدام السّحر لإنتاج الخير اشكالاً معتداً به». [مسائل وردود: ج2، ص106].
#ورغم هذه التّصريحات الواضحة وغيرها أيضاً: يأتيك بعض الحمقى والسُّذج ويقولون لك: إنّ سماحته لم يكن في إجاباته الّتي من هذا القبيل قاصداً لترويج ثقافة تحضير الأرواح والسّحر أصلاً، وإنّما كان بصدد الإجابة عليها من ناحية فقهيّة فقط، وكأنّ من سأله هذه الأسئلة وقدّم له هذه الاستفتاءات كان يُريد أن يحتفظ بأجوبتها في بيته للبركة فقط من دون أن يرتّب أثراً عمليّاً عليها، وكأنّ سماحته أيضاً: لم يكن يحسب ما تخلّفه هذه الفتاوى من سلوكيّات عمليّة منحرفة مؤسفة لا زال المجتمع العراقي بالخصوص يئن حتّى اليوم بسببها، ولكنّ مشكلة العراق اليوم هي مشكلة “القافلين” والمتعصّبين والمتعنّتين الّذين لن تفكّ أقفالهم ولا تزاح عصبيّتهم ولا يُرفع تعنّتهم إلّا بالنّقد العلميّ الجادّ لمرتكزات وأساسات أقفالهم وعصبيّتهم وتعنّتهم، وهذا ما يحتاج إلى جرأة وشجاعة واستبسال علميّ وموضوعيّ عميق، فليتوكّل على الله من يجد في نفسه ذلك، وهو دائماً من وراء القصد.
#ميثاق_العسر

محمّد الصّدر وترويج ثقافة السّحر!!

#قيل للمرحوم محمّد الصّدر المستشهد سنة: “1419هـ”: «إذا رفض الوالد زواج ابنته لا بحجة شرعيّة، وكان الخاطب كفؤاً لها، فهل يجوز استعمال السّحر لكسب موافقة الوالد مع عدم الإضرار؟»، فأجاب بما نصّه: «بسمه تعالى: لا دليل على الحرمة». [الرّسالة الاستفتائيّة: ص168].
#وهذا الّلون من الفتاوى ينسجم تمام الانسجام مع متبنّياته الفقهيّة؛ حيث يستشكل “رحمه الله” في وصف عمليّات تسخير الجنّ أو الملائكة أو الإنسان بالسّحر، ويستظهر تحريم ما كان منها مضرّاً بمن يحرم الإضرار به دون غيرها، «أمّا إنتاج النتائج الصّالحة بالعلوم الغريبة بما فيه دفع الضّرر المحتمل، فلا إشكال فيه».
#وأضاف أيضاً: بأنّ «تسخير الجنّ المؤمنين وتسخير الملائكة، أو أيّ قسم صالح من الخلق إن لزم منه احتقارهم أو إجبارهم على ما يكرهون حَرُمَ، وإلّا جاز، وكذا لو لم يكونوا مؤمنين، ما لم تترتّب على تسخيرهم أضرار أو مفاسد فيحرم». [منهج الصّالحين: ج3، كتاب التّجارة، مسألة: “33؛34” ].
#وفي الحقيقة: إنّ هذه الفتاوى بغضّ الطّرف عن حقّانيّة مبانيها الفقهيّة أو خطلها لا تربّي مجتمعاً صالحاً عقلانيّاً منضبطاً، بل ستنتج أضراراً اجتماعيّة وأُسريّة هائلة لم يفكّر الفقيه بها وهو يسطّر فتاواه أصلاً، ونعتقد أنّ حلول مثل هذه المشاكل لا ينبغي أن يكون عن طريق شرعنة السّحر والشّعوذة والفال وأنواعها العرفيّة المعروفة، وإنّما عن طريق سيادة القانون، ورفع اليد عن دعوى أنّ بلوغ الفتاة يتحقّق بإكمالها التّاسعة هجريّة انسياقاً مع روايات ولدت وقبرت في الجزيرة العربيّة، والتأمّل في موضوع ولاية الأب في أمثال مواطن الإعضال المتّفق على فساده أيضاً، فتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر

السّيستاني: لا تعطوا السُنّة صدقاتكم الواجبة!!

#يتّفق عموم فقهاء الشّيعة الإثني عشريّة ومنهم السيّد السّيستاني “حفظه الله” ـ والمعروف أنّه يرى أهل السُنّة أنفسنا ـ على عدم جواز إعطاء الزّكاة والصّدقات الواجبة إلى الفقير والمسكين السُنّي فضلاً عن غيره، ولهذا قال السّيستاني في رسالته العمليّة وهو يذكر شروط مستحقّي الزّكاة: «الأوّل: الإيمان، فلا يُعطى الكافر، وكذا المخالف منها، ويُعطى أطفال المؤمنين ومجانينهم»، والمقصود من المؤمن: أيّ الشّيعي الإثني عشريّ، والمخالف: أيّ السُنّي.
#وقد ساقوا روايات عدّة لهذا الحكم المجمع عليه عندهم لا نجد حاجة لاستعراضها، لكنّا سنورد رواية ظريفة وطريفة وموجعة في الوقت نفسه، حاول بعض المعاصرين إسقاطها عن الاعتبار بدعوى ضعفها السّندي أو الدّلالي، لكنّك عرفت أنّ هذا الإسقاط لا قيمة له في المقام؛ لأنّ أصل الحكم المانع من دفع الزّكاة الواجبة إلى السُنّي مجمع عليه، وأنّ موازين المتقدّمين في قبول الرّواية لا تعبّأ بتضعيفات المتأخّرين البتّة، رواية تكشف بوضوح عن طبيعة الكوارث الأخلاقيّة الّتي يعاني منها فقهنا الإثنا عشريّ، وتُجلّي لك فرية التّعايش السّلمي الّتي يسوّقها بعض المعاصرين لاستغفال جمهوره وهم بحقّ مستغفلون.
#فقد روى شيخ الطّائفة الإثني عشريّة الطّوسي المتوفّى سنة: “460هـ”، بإسناده الصّحيح عنده عن إبراهيم الأوسي، عن الرّضا “ع” القول: «سمعت أبي [الكاظم “ع”] يقول: كنت عند أبي [الصّادق “ع”] يوماً فأتاه رجل، فقال: إنّي رجلٌ من أهل الرّي، ولي زكاة، فإلى من أدفعها؟ قال [الصّادق “ع”]: إلينا. فقال [له الرّجل]: أ ليس الصّدقة محرّمة عليكم؟ فقال: بلى؛ إذا دفعتها إلى شيعتنا فقد دفعتها إلينا. فقال [الرّجل]: إنّي لا أعرف لها أحداً [من الشّيعة يستحقّها]، فقال: انتظر بها إلى سنة. قال [الرّجل]: فإن لم أصب لها أحداً؟ قال: انتظر بها إلى سنتين، حتّى بلغ أربع سنين، ثمّ قال له: إن لم تصب لها أحداً [من شيعتنا] فصرّها صراراً واطرحها في البحر؛ فإنّ الله عزّ وجلّ حرّم أموالنا وأموال شيعتنا على عدونا». [تهذيب الأحكام: ج4، ص52].
#وحينما نسأل المرحوم عبد الأعلى السّبزواريّ المتوفّى سنة: “1414هـ” عن معنى عدوّنا في الرّواية أعلاه، يُجيبنا قائلاً: «و المراد بالعدوّ هنا: كلّ من أنكر الولاية، وقدّم غيرهم عليهم، وأيّ معاداة أشدّ من ترجيح المرجوح على الرّاجح، وإزالة الحقّ عن أهله ومحله». [مهذّب الأحكام: ج11، ص218].
#أقول: أيّ تعايش سلميّ يتحدّث عنه هؤلاء المغفّلون وأنا ألاحظ جاري السُنّي الفقير والمسكين يتضوّر جوعاً ولا يسمح لي مرجع تقليدي ـ الّذي يوصيني في خطبه ووصاياه بضرورة التّعايش السّلمي معه ـ أن أعطيه قرشاً واحداً من صدقاتي الواجبة، ويصوّر لي أنّ إعدام المال أهون من صرفها إليه؟! أيّ مصداقيّة لفرضيّة أنّ أهل السُنّة أنفسنا ونصوصنا الرّوائيّة المُفتى على أساسها من قبلهم تقرّر كونهم أعداءً لا يجوز منحهم الزّكاة الواجبة والرّشد في خلافهم، ويستحبّ لعن رموزهم، ويُكره تسمية الأولاد باسمائهم، ويحرم الزّواج منهم أو تزويجهم مع خوف تسرّي ضلالهم؛ فإنّهم مسلمو الدّنيا وكفّار الآخرة…إلخ من بيانات معروفة وواضحة ومطبّقة أيضاً ومتعبّد بها؟!
#وفي الحقيقة: أنّ تطبيق التّعايش السّلمي بين السُنّة والشّيعة الإثني عشريّة لا معنى له أصلاً؛ وذلك لأنّه يصحّ بين الأديان والمذاهب الّتي لا تكفّر ولا يلعن أحدها الآخر، أمّا إذا كانت المذاهب تتقرّب إلى الله يوميّاً بلعن وسبّ رموز الطّرف الآخر وهي فصلها المقوّم، فلا معنى لمثل هذه الألاعيب والأكاذيب أصلاً ما لم يُعاد النّظر بأصل تلك الأساسات المذهبيّة الفاسدة، والكذب على النّاس واستغفالهم لا يجوز بحالٍ من الأحوال.
#الّلهم أرنا الحقّ حقّاً لنتّبعه، والباطل باطلاً لنتجنبه، وأبعدنا عن هذا الفقه الميّت الّذي لا يربّي سوى كائنات تعشق الدّفاع الأعمى عن مراجع تقليدها دون وعي ودراية وتحقيق، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر

الزّواج من أهل السُنّة عند السيستاني!!

#رغم أنّ المشهور والرّاكز في الأوساط العراقيّة هو: أنّ المرجع الأعلى الإثني عشريّ المعاصر السيّد السّيستاني “حفظه الله” من دعاة التّعايش السّلمي وإنّ أهل السُنّة أنفسنا، لكنّ من يُراجع رسالته العمليّة يجده يخالف هذه الدّعاوى تماماً ويفتي بالضدّ منها؛ ففي مسألة رقم: “215” من منهاج الصّالحين نصّ على جواز زواج الشّيعي الإثني عشريّ من السُنيّة غير النّاصبيّة، لكنّه حكم بكراهة زواج الشّيعيّة الإثني عشريّة من السُنّي غير النّاصبي، ولم يكتف بذلك، بل استدرك قائلاً: «نعم؛ إذا خيف عليه [الزّوج الإثنا عشريّ] أو عليها [الزّوجة الإثنا عشريّة] الضّلال، حرم».
#ورغم أنّ المشهور بين الفقهاء الإثني عشريّة حرمة زواج الشّيعيّة الإثني عشريّة من السُنّي غير النّاصبي لا كراهته كما ذهب لذلك عموم المعاصرين، لكنّا نُريد أن نسأل السّيستاني عن معنى الضّلال الّذي يُخاف على الزّوج والزّوجة الإثني عشريّة منه إذا ما تزوّجا بامرأة أو رجل من أهل السُنّة؟!
#لا شكّ في أنّ مقصود السّيستاني من الضّلال هو خروج الزّوج أو الزّوجة الإثني عشريّة من الإيمان ولو ببعض المقولات المذهبيّة العميقة في المذهب الإثني عشريّ والّتي يتميّز بها أصحاب هذا المذهب عن غيرهم من المسلمين، وبالتّالي: فإذا أقنعها زوجها السُنّي أو أقنعته زوجته السُنيّة مثلاً أنّ شهادة أنّ عليّاً وليّ الله في الآذان بدعة، وإنّ التّكتّف في الصّلاة أفضل من الّلعب بالأنف أو الأجهزة التّناسليّة، وربّما إذا توصّلا إلى قناعة بأنّ صلاة المغرب والجلوس على سفرة الإفطار إنّما هو بسقوط القرص خلافاً لرأي مشهور الإثني عشريّة المعاصرين.. إلخ فإنّ هذا من مصاديق الضّلال الّتي تغيّر حكم جواز أو كراهيّة زواجهما إلى الحرمة!!
#ما نتمنّاه على فقهائنا الإثني عشريّة الكرام أن يُعيدوا النّظر في الأساسات الرّوائيّة الطّائفيّة لمثل هذه الفتاوى؛ فالضّلال مفهوم منقرض لا واقع لها في هذه الأيّام؛ وكلّ ما قيل عنه ضروريّ بديهيّ فقهاً ومعتقداً أصبح ليس كذلك في هذه الأيّام، والمشتركات هي من ينبغي أن تسود، وما لم تتجاوزوا هذه العُقد المذهبيّة فإنّ مقلِّديكم سيتجاوزونكم بوعيهم ووطنيّتهم ويركنونكم في المتحف الفقهيّ، فليُتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر

السّيستاني والحكيم: فتاوى تحرّض على الكراهيّة!!

#يفتي المرجع الأعلى للطّائفة الإثني عشريّة المعاصر أعني السيّد السّيستاني المولود سنة: “1349هـ” وكذا المرجع الدّيني السيّد محمّد سعيد الحكيم المولود سنة: “1354هـ” بكراهة تسمية الأولاد باسماء أعداء الأئمّة “ع”. [منهاج الصّالحين، السيستاني: المسألة: “387”؛ منهاج الصّالحين، الحكيم: المسألة: “222”].
#وحينما نسأل الحكيم عن تحديد معنى أسماء أعداء أهل البيت “ع” فيُجيبنا بعد أن ينقل رواية تعزّز ما أفتى به وهي: «إنّ الشّيطان إذا سمع منادياً ينادي باسم عدوّ من أعدائنا اهتزّ واختال»، فيقول: «والمراد به الاسم الّذي يُعرف بمرور الزّمن لأعدائهم، بحيث ينصرف لهم عند إطلاقه، فلا تكره التسمية به قبل ذلك» [المصدر السّابق نفسه].
#وهذا اعتراف من الحكيم بأنّ أسماء: أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وحفصة… إلخ لم تكن معروفة في صنف أعداء أهل البيت “ع” في زمن الرّسول “ص” وحتّى زمن الصّادقين “ع”؛ لأنّنا نلاحظ تسمية عليّ والحسن والحسين والسجّاد “ع” وغيرهم من العلويّين اسماء أولادهم بجملة من هذه الاسماء دون حراجة تُذكر، وإنّما بدأت هذه الفرية والأوهام بعد ذلك في أيّام صناعة المذاهب وتماهي بعض أحفاد الحسين بن عليّ “ع” مع رغبات بعض الكوفيّين.
#ورغم أنّ هذه الفتوى لا تمتلك مستنداً ينسجم مع مقاصد الأديان والشّرائع، وتبتعد عن روح الأخلاق والتّعايش السّلمي بآلاف الأميال، لكنّنا نجد أنّ المرجع الأعلى للطّائفة الإثني عشريّة المعاصر ـ والّذي يُنسب له قوله: بأنّ أهل السُنّة أنفسنا وإنّه من دعاة الدّولة المدنيّة…إلخ من منسوبات ـ يكتبها في رسالته العمليّة دون حراجة، ويوضّحها المرجع الآخر المعاصر له بأجلى العبارات أيضاً دون تردّد ووجل.
#وفي عقيدتي: إنّ الأفضل أن تُكتب على هذه الفتاوى عين العبارة المكتوبة على بعض الأفلام السّينمائيّة: “ممنوع على الأحداث”، وأن يُحاكم أصحابها ودعاتها على أساس القوانين العالميّة الّتي تجرّم الكراهيّة والعنف، وإلّا فأيّ بغض وعنف أكثر من الإفتاء بكراهيّة تسمية المواطنين الإثني عشريّة في مختلف البلدان أولادهم باسماء أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وحفصة…إلخ، لكنّها الدّكاكين الدّارة الّتي ولدت في أوائل القرن الثّاني الهجري، والّتي لا زلنا إلى اليوم ندفع ثمنها ويعتاش رجال ديننا على بضاعتها، فتأمّل كثيراً إن كنت من أهله، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر

النّصّ القرآنيّ الملجم لمنكر واقعة بني قريظة!!

#يُجمع المفسّرون الكبار من مختلف الفرق والنّحل الإسلاميّة: على أنّ الآية السّادسة والعشرين من سورة الأحزاب القائلة: «الّذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب، فريقاً تقتلون وتأسرون فريقاً، وأورثكم أرضهم؛ وديارهم؛ وأموالهم؛ وأرضاً لم تطؤوها، وكان الله على كلّ شي‏ءٍ قديراً» تتحدّث عن بني قريظة والقتل والسّبي والاسترقاق والاغتنام الّذي حصل فيها؛ فـ “ظاهروهم” تعني: عاونوهم، و “أهل الكتاب”: أي بني قريظة باعتبارهم من اليهود، و “صياصيهم” : قلاعهم، و “فريقاً تقتلون”: من الرّجال، و تأسرون فريقاً”: من الصّبيان والنّساء، وهكذا حتّى مصادرة أرضهم وديارهم وأموالهم والاستيلاء عليها بعد استسلامهم.
#وإذا أردنا أن نقرأ كلمات الباحثين الإثني عشريّة المعاصرين ممّن كتب في تفسير القرآن سنلاحظ أنّ الأمر لا يختلف عمّا أفاده المفسّرون الكبار ايضاً، وأرسلوا الأمر إرسال المسلّمات وبدأوا يدافعون عن الحكم الصّادر ويبرّرون أخلاقيّته أيضاً، وعلى سبيل المثال: فقد أفاد المرحوم محمّد حسين فضل الله المتوفّى سنة: “1431هـ” في تفسيره كلاماً يحاول من خلاله دفع الملاحظات على الحكم النّبويّ الصّارم في تلك الواقعة فقال: «وقد أثار البعض حديث القسوة الشّديدة في هذا الحكم العنيف الّذي لا رأفة فيه ولا رحمة، في الوقت الّذي استسلموا فيه له بشكل مطلق، ولكن التأمّل في طبيعة الموقف، قد يجعلنا نتفهم عدالة المسألة في مثل هذه القضايا التي لا تخضع لأجواء المأساة، بل لخطوط العدالة في طبيعة الحيثيات والظروف المحيطة بالموقف…». [من وحي القرآن: ج18، ص290].
#أمّا مصنّف كتاب التّفسير الأمثل فختم حديثه في تفسير الآية محلّ الذّكر بعنوان نتائج غزوة بني قريظة وقال: «إنّ الإنتصار على أولئك القوم الظّالمين العنودين قد حمل معه نتائج مثمرة للمسلمين، ومن جملتها:
أ ـ تطهير الجبهة الدّاخليّة للمدينة، واطمئنان المسلمين، وتخلّصهم من جواسيس اليهود.
ب ـ سقوط آخر دعامة لمشركي العرب في المدينة، وقطع أملهم من إثارة القلاقل والفتن داخليّاً.
ج ـ تقوية بنية المسلمين المالية بواسطة غنائم هذه الغزوة.
د ـ فتح آفاق جديدة للانتصارات المستقبليّة، وخاصة فتح خيبر.
هـ ـ تثبيت مكانة الحكومة الإسلاميّة وهيبتها في نظر العدوّ والصديق، في داخل المدينة وخارجها». [التّفسير الأمثل: ج13، ص222].
#وعلى هذا الأساس: فإنّ محاولة الاستقتال في سبيل نفي واقعة بني قريظة والسّعي الحثيث لتلطيفها محاولة لا تمتّ للعلم بصلة على الإطلاق، وإنّما تأتي في سياق الصّورة النّمطيّة الغارقة في المثاليّة المرسومة عن شخوص تلك المرحلة وقراءة الآيات القرآنيّة بشكل مبتسر وتفسيرها بطريقة اجتزائيّة ورديّة، ودونك كلمات عموم المفسّرين والفقهاء للمراجعة والفحص، فليُتفطّن كثيراً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر.

واقعة بني قريظة شاخص فقهيّ خطير!!

#كانت واقعة بني قريظة شاخصاً فقهيّاً حركيّاً هامّاً جدّاً في تعامل المرحوم الخميني المتوفّى سنة: “1409هـ” مع مناهضي الثّورة الإيرانيّة نهاية سبعيّنيّات القرن المنصرم فما بعد، وقد كان يُكرّر الاستناد إليها في مواطن متعدّدة من خطاباته وبياناته أيضاً، ويستنبط منها الأحكام المناسبة حسب وجهة نظره ومنهجه الفقهيّ المختار، وهذا يعني: إنّه يفترضها ـ كغيره من علماء الإسلام سُنّة وشيعة بمختلف فرقهم ـ واقعة جزميّة مسلّمة لا نقاش في أصل وقوعها ولا في الحكم الّذي قرّره سعد بن معاذ فيها.
#ومن باب المثال وفي أثناء حديثه مع جمع من الأجهزة الأمنيّة سنة: “1399هـ” عن الشّدة والرّحمة في الحكومة الإسلاميّة، بدأ بالحديث عن عليّ بن أبي طالب “ع” فقال ما ترجمته: «إنّ هذا الشّخص نفسه الّذي كان يذهب إلى البيوت ويوزّع الطعام دون أن يتعرّفوا عليه، عندما كان يذهب إلى أحد البيوت ويجد الأطفال جائعين يعطيهم بعض الخبز، ويطعمهم بنفسه، ثمّ يلعب معهم، ويصدر أصواتاً كالجمل ليدخل السرور الى قلوبهم! إنّ نفس هذا الرّجل الّذي هو رئيس‏ القوم ويتعامل معهم بهذا القدر من الرحمة والشفقة، عندما كان يواجه العدو، ويضرب بسيفه كان يقطع الخصم قسمين. وقد قتل من يهود بني قريظة، الّذين كانوا من المفسدين ولم يثوروا ضده ـ هؤلاء اليهود كانوا مفسدين منذ البداية ـ قتل منهم في يوم واحد سبعمائة شخص! فالمسلمون فيما بينهم رحماء أحبة، ولكنّهم عندما كانوا يواجهون الآخرين كانوا أشداء، ففي الموقع المناسب تكون الشدة، وفي موقع الرحمة تكون الرحمة، هكذا هو وضع حكومة الإسلام». [صحيفة الإمام، النّسخة المعرّبة: ج7، ص179].
#وبغضّ النّظر عن جهلنا بالمصدر الّذي استند إليه المرحوم الخميني لاعتماد قصّة إخراج عليّ “ع” صوت رغاء البغير في لعبه مع الأطفال، وبغضّ الطّرف أيضاً عن شأنهم الدّاخلي الّذي لا يعنينا بالمرّة، لكنّ ما ذكره عن واقعة بني قريظة وتعامل نبيّ الإسلام معهم بهذه الطّريقة هي من المسلّمات المتّفق عليها بين علماء الإسلام بمختلف صنوفهم وانتماءاتهم وقد استندوا إليها في استنباط أحكام فقهيّة أيضاً، لكنّ خيبتنا أن تتحوّل هذه الواقعة إلى مرتكز فقهيّ صالح للتّطبيق مع الخصوم السّياسيّين والدّينيّين؛ لأنّ المُطبّق مهما أوتي من علم وورع وتقوى فإنّ تطبيقها اجتهاديّ صرف، ومن الطّبيعي أن تقع الأخطاء تلو الأخطاء فيه؛ لذا دعونا إلى حذف هذا الّلون من الممارسات النّبويّة من دائرة السّيرة الّتي ينبغي الاستنان بها، ومن غير ذلك نقع ووقعنا في إشكاليّات كثيرة لا تُحمد عقباها، فليُتأمّل كثيراً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر

علامات البلوغ ودليليّة عورات رجال بني قريظة!!

واحدة من العلامات المطروحة في البلوغ الشّرعي عند الذّكور هو ما يُصطلح عليه في الفقه الإسلاميّ بـ: الإنبات، ويعنون منه: بزوغ الشّعر الخشن على منطقة العانة، وهناك خلاف ما بين فقهاء المسلمين حول دلالتها على ذلك ومجاله أيضاً، لكنّ المتّفق عليه في الواقع الفقهيّ الإثني عشريّ هو ذلك، كما هو معروف لمن يراجع مدوّناتهم الفقهيّة ورسائلهم العمليّة.

أمّا الدّليل الّذي ساقه شيخ الطّائفة الإثني عشريّة الطّوسي المتوفّى سنة: “460هـ” لهذا الحكم الشّرعي فهو: الإجماع، والأخبار الواردة عن أهل البيت “ع”، وأضاف لذلك دليلاً آخر حيث قال: «وأيضاً: ما حكم به سعد بن معاذ في بني قريظة، فإنّه قال: “حكمت بأن يُقتل مقاتلهم، ويُسبى ذراريهم، وأمر بأن يكشف عن مؤتزرهم؛ فمن أنبت فهو من المقاتلة، ومن لم يُنبت فهو من الذراري”، فبلغ ذلك النّبي “ص” فقال: “لقد حكم سعد بحكم الله من فوق سبع سموات، وروي “سبعة أرقعة”». [الخلاف: ج3، ص281].

وقد تبعه على ذلك عموم الفقهاء الإثني عشريّة من مقلّدته وأرسلوا حكم سعد بن معاذ وإقرار النّبيّ “ص” له إرسال المسلّمات، حيث قال العلّامة الحُلّي المتوفّى سنة: “726هـ” في هذا الخصوص: «ولو أُشكل أمر الصّبي في البلوغ وعدمه، اُعتبر بالإنبات، فإن أنبت الشّعر الخشن على عانته، حُكم ببلوغه، وإن لم ينبت ذلك، جُعل من جملة الذرّيّة؛ لأنّ سعد بن معاذ حكم في بني قريظة بهذا، وأجازه النّبي “ص”». [تذكرة الفقهاء: ج9، ص154].

وإذا
رجعنا إلى أخبار الخاصّة ـ حسب اصطلاحهم ـ في هذا المجال فنلاحظ ما رواه الحميري في قرب الإسناد بسنده الصّحيح عنده، والّذي رواه الطّوسي معتمداً إيّاه أيضاً بسنده، عن أبي البختري، عن زوج أمّه جعفر بن محمد، عن أبيه [الباقر “ع”] أنّه قال: «عرضهم رسول الله “ص” يومئذ ـ يعني بني قريظة ـ على العانات، فمن وجده أنبت قتله، ومن لم يجده أنبت ألحقه بالذّراري». [قرب الإسناد: ص133؛ تهذيب الأحكام: ج6، ص173].

ومن هنا تفهم: السّبب الّذي دعا زياد بن أبيه إلى الكشف عن عورة أو عانة عليّ بن الحسين السجّاد “ع” بعد أن شكّ في بلوغه مبلغ الرّجال بعد واقعة كربلاء كما نقلنا ذلك ووثّقناه في بحوث مستقلّة؛ لأنّ الكشف عن الصّبيان في الحروب لإحراز رجولتهم من عدمها أمرٌ مسلّم ومشهور بين المسلمين في ذلك الوقت ببركة تلك الواقعة وربّما غيرها، ومن هنا قال السيّد السّيستاني في منهاج الصّالحين: «إذا ادّعى الصّبي البلوغ، فإن ادعاه بالإنبات اختبر، ‌ولا يثبت بمجرد دعواه» [المسألة: “1246”]، ومن الواضح إنّ الاختبار في المقام هو الكشف، فتأمّل كثيراً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر

أخلاق النّبيّ “ص” القرآنيّة وواقعة بني قريظة!!

#سانساق مؤقتاً مع الّلغة الدّارجة والمؤسفة في تصحيح وتضعيف الأخبار لأقول: كم هو مسكين صاحب الميزان المرحوم محمّد حسين الطّباطبائي المتوفّى سنة: “1402هـ”؛ إذ يبدو أنّه لم يقرأ يوماً في حياته الآيات الّتي تخاطب النّبي الأكرم “ص” بالقول: “وإنّك لعلى خلق عظيم”، “وما أرسلناك إلّا رحمة للعالمين”، أقول ذلك: لأنّه آمن بحصول واقعة بني قريظة وقال: إنّهم «نزلوا على حكم النبي “ص”، وكانوا موالي أوس، فكلّمته أوس في أمرهم مستشفعين، وآل الأمر إلى تحكيم سعد بن معاذ الأوسي في أمرهم، ورضوا ورضي به النّبي “ص”، فأُحضر سعد وكان جريحاً، ولمّا كلّم سعد “رحمه الله” في أمرهم قال: لقد آن لسعد أن لا يأخذه في الله لومة لائم، ثمّ حكم فيهم بقتل الرّجال، وسبي النّساء والذّراري، وأخذ الأموال، فأجري عليهم ما حكم به سعد، فضربت أعناقهم عن آخرهم، وكانوا ستمائة مقاتل أو سبعمائة، وقيل: أكثر، ولم ينج منهم إلّا نفر يسير آمنوا قبل تقتيلهم، وهرب عمرو بن سعدى منهم، ولم يكن داخلاً معهم في نقض العهد، وسُبيت النّساء إلّا امرأة واحدة ضربت عنقها، وهي التي طرحت على رأس خلّاد بن السويد بن الصامت رحى فقتلته‏». [الميزان: ج9، ص128].
#بلى؛ كم هو مسكين الطّباطبائي على حدّ وصفهم؛ لأنّه لم يقرأ يوماً في حياته آيات وصف النّبيّ بالرّحمة والخلق الرّفيع؛ فكيف يكون رسول بتلك المواصفات الإلهيّة العظيمة ويُقدم على قتل الرّجال وسبي الّذراري والنّساء وأخذ الأموال، وهذا الحكم يتنافى مع الأخلاق الّتي يُفترض أنّ النبيّ “ص” مُتّصف بها والرّحمة المُرسل لتعميدها!!
#والمؤسف أنّ لهذا المنطق رواج كبير، وهناك تعمّد حوزويّ منبريّ كبير على تمريره وتغرير البسطاء به، فتوهّموا أنّهم من خلاله يمكنهم إسقاط الأخبار المعتمدة لدى الفريقين والمتّفق عليها بينهم؛ لأنّهم يعلمون تماماً: إنّهم غير قادرين على دفع هنات هذه الأخبار وما يضاهيها من غير هذه الطّريقة وهم يواجهون سيلاً من الأسئلة المُقلقة الّتي تقف أمامهم وأمام منظومتهم الكلاميّة ومن ثمّ الأصوليّة الّتي وضعت جميع نصوص النّبيّ “ص” وأفعاله وأقاريره في دائرة الحجيّة ووجوب الاستنان.
#وبغية دفع هذه الطّريقة من التّفكير سأذهب إلى نصوص الطّباطبائي نفسه في مواطن متفرّقة من تفسيره الميزان المنطلقة من رؤية عرفانيّة، واستعين بها لردّ هذه الطّريقة من التّفكير من باب الاحتجاج، وأبدأ من الآية الأولى فأقول: أ لم يقل القرآن الكريم: “وما أرسلناك إلّا رحمة”، فأيّ رحمة أُرسل محمّد بها وهو يُقدم على قتل الرّجال وسبي النّساء والأطفال؟!
#يجيب الطّباطبائي قائلاً: «ليس مقتضى الرّحمة للعالمين أن يهمل مصلحة الدّين، ويسكت عن مظالم الظالمين و إن بلغ ما بلغ و أدى إلى شقاء الصّالحين واختلال نظام الدّنيا والدّين، وقد حكى الله سبحانه عن نفسه بقوله: “ورحمتي وسعت كُلّ شيء” ولم يمنع ذلك من حلول غضبه على من حلّ به من الأمم الماضية والقرون الخالية كما ذكره في كلامه، على أنّه تعالى سمّى ما وقع على كفّار قريش من القتل والهلاك في بدر وغيره عذاباً ولم يناف ذلك قوله: “وما أرسلناك إلّا رحمة للعالمين”، وهدّد هذه الأمّة بعذاب واقع قطعي في سور يونس والإسراء والأنبياء والقصص والروم والمعارج وغيرها، ولم يناف ذلك كونه “ص” رحمة للعالمين… مع أنّ من مقتضى الرحمة أن يوفّى لكلّ ذي حقّ حقّه، وأن يقتص للمظلوم من الظالم، وأن يؤخذ كلّ طاغية بطغيانه». [الميزان: ج9، ص69].
#وإذا قلت للطّباطبائي: ماذا عن آية “وإنّك لعلى خلق عظيم”، أ لا يتنافى ما فعله “ص” مع بني قريظة معها؟! فنراه يُجيب قائلاً: «والآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه “ص” وتعظّمه، غير أنّها بالنّظر إلى خصوص السّياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعيّة المتعلّقة بالمعاشرة، كالثّبات على الحقّ، والصبر على أذى النّاس، وجفاء أجلافهم، والعفو والإغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتّواضع وغير ذلك…». [الميزان: ج19، ص369].
#أمّا إذا رجعنا إلى النّصوص الرّوائيّة في تفسير القمّي فنلاحظ ما يخرج هذه الآية عن محلّ الاستشهاد من رأس؛ حيث روى عن أبي الجارود، عن الباقر “ع” في قوله: وإنّك لعلى خلق عظيم، قال: “على دين عظيم”». [تفسير القمّي: ج2، ص382]، وجاء في تفسير التّبيان لشيخ الطّائفة الإثني عشريّة الطّوسي المتوفّى سنة: “460هـ” قوله في تفسير هذه الآية: «قال الحسن: على دين عظيم، وهو الإسلام. وقيل: أدب القرآن. و قال المؤرج: معناه على دين عظيم بلغة قريش. وقالت عائشة: كانت خلق النّبي “ص” ما تضمّنه العشر الأول من سورة المؤمنون، فالخلق المرور في الفعل على عادة، فالخلق الكريم الصّبر على الحقّ وسعة البذل، وتدبير الأمور على مقتضى العقل، وفي ذلك الرّفق والأناة والحلم والمداراة…». [التبيان: ج10، ص75].
#وإذا عدنا إلى نصوص الطّباطبائي في تفسير الآيتين محلّ الذّكر نجده ينصّ على أنّها «وإن كانت بحسب المعنى المطابقي ناظرة إلى أخلاقه “ص” الحسنة دون أدبه الذي هو أمر وراء الخلق إلا أنّ نوع الأدب… يستفاد من نوع الخلق» [الميزان: ج6، ص302]. وبعبارة أخرى: إنّ الأخلاق النّبويّة الّتي يتحدّث القرآن عنها لا تعني غير الانسجام التّام مع الأوامر الفوقانيّة الآمرة بقطع دابر الكافرين والمفسدين، والانسياق مع هذه الأوامر وإن كان في ظاهره يتنافى مع القيم الأخلاقيّة العقليّة المعروفة، لكنّه في واقعه ومحصّله ينسجم معها خير انسجام؛ لكنّنا نجهل الحكمة الكامنة وراء ذلك، بلى؛ هكذا يفكّر من هو داخل في المنظومة الإسلاميّة ولديه قواعد وضوابط في صدور الحديث وضرورة توجيهه.
#نعم؛ من الممكن أن توجّه اعتراضك على طبيعة الإله القرآني وتعترض على طريقة صبّه العذابات على الأمّم السّابقة بجريرة أنفار قليلة مع أنّ فيهم الأبرياء ممّن لا ذنب لهم أصلاً بحسب النّظر البدوي، لكنّ هذا خروج عن محلّ البحث، ونفي حادثة بني قريظة بشخصها لا يفضي أيضاً إلى حلّها لكي يُتوهّم ذلك؛ لأنّه ما هو أفظع منها منقولٌ في القرآن كما نوّه إلى ذلك الطّباطبائي آنفاً، والجواب عن هذا الموضوع يتطلّب عناية أخرى، فليُتأمّل جيّداً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر

بنو قريظة وحياء الرّسول “ص”!!

#يحدّثنا رئيس الطّائفة الإثني عشريّة المفيد المتوفّى سنة: “413هـ” عن محاصرة المسلمين لبني قريظة ومآلهم ومقتلهم وسبي نسائهم واستعباد أطفالهم واغتنام أموالهم، وهو يؤمن كغيره من المؤسّسين بما ينقله أيضاً، ولا نريد الخوض في هذه القضيّة البديهيّة عندهم، لكنّ ما لفت انتباهي كثيراً هو النصّ الّلافت الّذي تلفّظ به الرّسول “ص” بألفاظ غير لائقة ومعاتبة بني قريظة له بعد ذلك، حيث قال المفيد وهو يتحدّث عن مآثر عليّ بن أبي طالب “ع” وامتيازاته ومنها محاصرته لبني قريظة وقتله لرجالهم بعد حكم سعد بن معاذ، فيروي عن عليّ “ع” قوله:
#فاستقبلوني في صياصيهم يسبون رسول الله “ص”: فلما سمعت سبهم له “ع” كرهت أن يسمعه رسول الله “ع”، فعملت على الرجوع إليه، فإذا به “ع” قد طلع فناداهم: يا إخوة القردة والخنازير، إنّا إذا نزلنا بساحة قومٍ فساء صباح المنذرين [!!]، فقالوا له: يا أبا القاسم ما كنت جهولاً ولا سبّاباً، فاستحيا رسول الله “ص” ورجع القهقرى قليلاً». [الإرشاد: ج1، ص110].
#وإذا رجعنا إلى المصادر الإثني عشريّة المتقدّمة على المفيد نلاحظ: أنّ عليّ بن إبراهيم القمّي يضيف صورة أخرى إلى حياء رسول الإسلام “ص” حين سماعه هذه المعاتبة ممّن وصفهم بإخوة القردة والخنازير؛ حيث قال: «فاستحيا رسول الله حتّى سقط الرّداء من ظهره حياءً ممّا قاله‏». [تفسير القمّي: ج2، ص189ـ190].
#لا تقل لي: إنّ هذه النّصوص الرّوائيّة مرسلة ولا يمكن الاعتماد عليها لمعارضتها صريح القرآن الّذي نزّه رسوله عن ذلك وكأنّ المفيد وعليّ بن إبراهيم وبقيّة المؤسّسين الأوائل يجهلون معارضتها المفترضة، بلى؛ لا تقل لي ذلك: لأنّهم نقلوا هذه النّصوص وهم يؤمنون بها، وينشرون مآثر عليّ بن أبي طالب “ع” عن طريقها أيضاً، وقد تلقّوا هذه النّصوص بالقبول وأرسلوها إرسال المسلّمات أيضاً،
#أجل؛ «أقام النّبي “ص” محاصراً لبني قريظة خمساً وعشرين ليلةً، حتّى سألوه النّزول على حكم سعد بن معاذ، فحكم فيهم سعد بـ: “قتل الرّجال وسبي الذّراري والنّساء، وقسمة الأموال”، فقال النّبي “ص” يا سعد، لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة، وأمر … “ص” بإنزال الرّجال منهم وكانوا تسعمائة رجل، فجي‏ء بهم إلى المدينة، وقسّم الأموال واسترق الذّراري والنسوان»، «وساقوا الأسارى إلى المدينة وأمر رسول الله “ص” بأخدود فحفرت بالبقيع، فلمّا أمسى أمر بإخراج رجل رجل، فكان يضرب عنقه‏». [الإرشاد؛ تفسير القمّي، المعطيات المتقدّمة].
#أقول: بغضّ الطّرف عن القيمة الأخلاقيّة العقليّة الصّرفة لمثل هذا الحكم الّذي قرّره ابن معاذ وارتضاه نبيّ الإسلام “ص” وطُبّق بعد ذلك، لكنّ المُقلق والمخيف كثيراً: أن يُستند إلى مثل هذا الحكم لتصفية الخصوم السّياسيّين أو الدّينيّين في أعصارنا؛ فإنّنا إذا ذهبنا إلى أنّ الرّؤية في التّعامل الصّحيح مع بني قريظة كانت واضحة في تلك الأزمان، إلّا أنّ مثل هذه الرّؤية لا وجود لها في أزماننا تجاه من يُريد تطبيق حكم سعد معاذ بحقّهم أصلاً، والقضيّة تتبع الاجتهادات المذهبيّة وغيرها كذلك؛ لذا فنحن أمام خطر عظيم ينبغي الخلاص منه بالعلم وتوسيع الآفاق، فليُتفطّن كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.

بنو قريظة وتقييم الفعل النّبويّ!!

#في سياق الحديث عن واقعة بني قريظة وتصرّف نبيّ الإسلام “ص” مع أهلها بعد استسلامهم بالقتل والسّبي والاغتنام مهما كان عدده وحجمه، ينبغي أن نوضّح نقطة هامّة ربّما غابت عن قرّاء وجهة نظرنا في هذا الخصوص، وهي: سواء أ صحّت هذه الواقعة ـ كما هو مختار عموم الفريقين ـ أو لم تصحّ ـ كما هو مختار بعض المتوهّمين ـ فإنّ حقّانيّتها السّماويّة في تلك الّلحظة وعدم حقّانيّتها أمر لا يعنينا فعلاً، وإنّما يعنينا ما يلي:
#أوّلاً: لا يصحّ الاستناد إليها فقهيّاً ولا الاستنان بها؛ إذ لم يثبت في نظريّة المعرفة الفقهيّة المختارة جواز الاستناد والاستنان بجميع الممارسات النّبويّة.
#ثانياً: لا ملازمة دائميّة بين صدور الفعل من الرّسول “ص” وبين حسنه العقلي؛ إذ لا نذهب مذهب القائلين بالتّحسين والتّقبيح الشّرعي، كما لا نؤمن بأنّ الشّارع المذهبيّ سيّد العقلاء أيضاً.
نتمنّى قراءة هذه السّطور بإمعان ورويّة؛ كي نغلق الطّريق أمام الأسئلة الّتي لا تدخل في صميم الاهتمامات البحثيّة المطروحة لاحقاً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر

التّعامل النّبويّ مع بني قريظة والنّموذج المعاصر له!!

#بغية أن نقدّم أنموذجاً إثني عشريّاً معاصراً وعالياً جدّاً في الوقت نفسه، أنموذجاً نخلص من خلاله إلى: أنّ ما حصل من تعامل رسول الإسلام “ص” وعليّ “ع” مع أسارى بني قريظة يُعدّ مستنداً صالحاً عند بعض المعاصرين للتّعامل بالطّريقة نفسها مع من وصفهم بالمتآمرين، أقول: بغية ذلك يحسن بنا أن نضع نصّاً هامّاً جدّاً للمرحوم الخمينيّ المتوفّى سنة: “1409هـ” كان قد ألقاه كجزء من خطاب له سنة: “1399هـ” وهو يوجّه من خلاله إنذاراً للأحزاب المفسدة والمتآمرة حسب وصفه، حيث قال بعد أن عتب على نفسه بسبب عدم التّعامل بحزم مع من سمّاهم بالطّبقات الفاسدة:
#إنّي أتوب الى الله تعالى من هذا الخطأ الّذي اقترفته، وأقول لهذه القشور [الطّبقات] المفسدة المنتشرة في إيران بأنّهم لو لم يكفوا عن أعمالهم فسوف نتصرف معهم بشكل ثوري، فمولانا أمير المؤمنين “سلام الله عليه”، المثل الأعلى للإنسانيّة بكلّ ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وكان قدوة في العبادة والزهد والتقوى والرّحمة والمروءة وكان مع المستضعفين [كذلك]، وكان يقتل بسيفه المستكبرين الظالمين والمتآمرين، حيث قتل في يوم واحد ـ كما يُنقل ـ 700 من يهود بني قريظة، الّذين كانوا كإسرائيل الآن، ولربما كانت من نسلهم. إنّ الله تبارك وتعالى غفور رحيم في وقت العفو والرحمة، ومنتقم جبار في وقت الانتقام، [كما أنّ إمام المسلمين كان كذلك؛ في وقت الرّحمة رحيم وفي وقت الانتقام منتقم]، ونحن لسنا خائفين من أن يكتب شي‏ء ضدّنا في الصّحف الإيرانية السابقة أو الأجنبية، فنحن لانبحث عن الوجاهة لا في إيران، [ولا في الإسلام] ولا في خارج البلاد، نحن نريد أن نعمل بأمر الله سبحانه، وسوف‏ نفعل، “أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم”». [صحيفة الإمام المعرّبة: ج9، ص226].
#والظّاهر: أنّ المرحوم الخميني ينطلق من رؤية عرفانيّة تسوّغ له مثل هذه الممارسات، حيث أفاد في كتابه آداب الصّلاة بأنّ السّالك إلى الله تعالى إذا أراد أن يتّصف بهذا الاسم حقيقة فعليه أن يوصل مراحم الحقّ تعالى إلى قلبه ويتحقّق بالرّحمة الرّحمانيّة والرّحيميّة، وآية هذا التّحقّق هو أن تحصل في قلبه نظرة العناية والتّلطّف وطلب الخير والصّلاح إلى جميع عباد الله من دون فرق بين الصّالح والطّالح، وهذا هو المتحقّق في الأنبياء العظام وأولياء الله الكُمّل، غاية الأمر إنّ لهم نظرين، أحدهما: إلى سعادة المجتمع والعائلة والمدينة الفاضلة، والآخر: إلى الشّخص نفسه، ولهذا تجد تجليّات ذلك واضحة حتّى في القصاص والحدود والتّعزيرات حيث لُوحظ فيها كلتا السّعادتين؛ «لأنّ لهذه الأمور دخالة كاملة في التّربية الرّوحيّة في الأكثر، وإيصالهم إلى السّعادة،حتّى الّذين ليس لهم نور الإيمان والسّعادة فيقتلونهم بالجّهاد وأمثاله كيهود بني قريظة؛ فهذا القتل لهم أيضاً صلاح وإصلاح، ويُمكن أن يُقال: إنّ قتلهم كان من الرّحمة الكاملة للنّبيّ الخاتم؛ لأنّهم مع وجودهم في هذا العالم يهيّئون لأنفسهم في كلّ يوم أنواع العذاب الّذي لا يقابل يوماً من عذاب الآخرة وعسرها جميع مدّة الحياة في هذا العالم، وهذا المطلب واضح جدّاً عند أولئك الّذين يعلمون ميزان عذاب الآخرة وعقابها والأسباب والمسبّبات فيها؛ فالسّيف الّذي يضرب أعناق بني قريظة وأمثالهم كان أقرب إلى أفق الرّحمة، والآن هو أيضاً أقرب منه إلى أفق الغضب والسّخط». [آداب الصّلاة: ص239؛ الآداب المعنويّة للصّلاة: ص390، النّسخة المعرّبة بقلم الفهري].
#وبغضّ الطّرف عن الشأن الدّاخلي الإيراني الّذي لا يعنينا التدّخل فيه بالمرّة، لكنّنا نتحفّظ بشدّة على أصل صلاحيّة تلك الممارسات النّبويّة للاحتذاء والاقتداء، ونعدّها من أوصاف الرّسول الخليفة لا الرّسول النّبيّ، لذا نحذّر بشدّة من مخاطر تطبيقاتها المعاصرة حتّى وإن سعت الماكنة العرفانيّة إلى تصحيح ذلك؛ لأنّ الحاكم عندنا في أمثال هذه المواطن هو مدركات العقل العمليّ المتّفق عليها، ومن هنا دعونا ونكرّر دعوتنا أيضاً: إلى ضرورة فتح البحث مليّاً في أقوال وأفعال وأقارير الرّسول الأكرم “ص”؛ لنعرف بعد ذلك مقدار ما يلحق هذه السّيرة بنحو عامّ من حجيّة وضرورة اتّباع، فليُتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر

واقعة بني قريظة نقطة داكنة!!

#كلّما تأمّلت في حادثة محاصرة نبيّ الإسلام “ص” لبني قريظة، ومن ثمّ استسلامهم والاتّفاق معهم، والحكم بقتل جميع رجالهم بعد عرض المشكوك برجولته على العانات، واستملاك نسائهم، واستعباد ذراريهم، ومصادرة أموالهم…إلخ، كلّما ازددت جزماً بأنّ عالميّة الإسلام بصيغته النّبويّة مجرّد فرية ناتجة من أفكار توسّعيّة قبليّة ولدت لاحقاً، بلى؛ قصّة بني قريظة نقطة سوداء داكنة جدّاً ينبغي إعادة قراءتها بعناية وتجرّد تامّ، بمعزل عن الفهم الخاطئ لبعض النّصوص القرآنيّة المرتبطة بالخلق العظيم، فليُتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر

فقيه الفصائل المسلّحة وجواز السّبي!!

#المشهور بين الفقهاء المسلمين ـ على تفصيل كثير ليس هنا محلّ ذكره ـ هو وجوب مقاتلة أهل البغي ممّن يستهدف إسقاط الحكومة الإسلاميّة والتّمرّد على إرادتها الشّرعيّة وإعلان العصيان المضرّ بنظامها وانتظامها، لكن مقاتلتهم مرهونة باستنفاد الوسائل والأساليب السّليمة النّاجعة بمعالجة الموقف وصدّ البغي وتقويم الانحراف؛ فمقاتلة البغاة والقضاء على ظواهر التّمرّد والخصوم السّياسيّين المتمرّدين على إرادة الدّولة الإسلاميّة من المسلّمات الفقهيّة الإسلاميّة عندهم، وللحديث موطن آخر.
#لكنّ المسلمين البُغاة لا تُغنم أموالهم الشّخصيّة كالبيوت والأراضي والممتلكات، وهناك خلاف في جواز اغتنام ما حوته معسكراتهم القتاليّة، كما لا يجوز سبي ذراريهم ونسائهم أيضاً؛ لكونهم مسلمين، وهذا من الواضحات الّتي استند المسلمون في الدّرجة الأساس لاستنباطها على سيرة عليّ بن أبي طالب “ع” في حرب الجمل وصفّين والنهروان.
#لكنّ فقيه الحركات والفصائل العراقيّة المسلّحة أعني المرجع الدّيني المعاصر السيّد كاظم الحائري “عافاه الله” ذهب إلى تجويز ما لا يُجوّز مع البغاة؛ بدعوى: «أنّ المصلحة الاجتماعيّة لو اقتضت شيئاً من السّبي والنّهب أو قتل الأسارى [من البغاة]، فبالإمكان أن يأمر الفقيه بتنفيذ ذلك على أساس مبدأ ولاية الفقيه، في الدّائرة الّتي اقتضتها المصلحة الاجتماعيّة للمسلمين». [الكفاح المسلّح في الإسلام: ص81].
#وفي الحقيقة: إنّ مثل هذه الفتاوى وإن أمكن تصحيحها وفق قواعد الصّناعة الاجتهاديّة الإثني عشريّة عندهم بطريقة ما، لكنّ المشكلة في تطبيقاتها الّتي هي نظريّة بامتياز؛ وذلك لأنّ الكلام كلّ الكلام في إسلاميّة الحكومات المعاصرة ونظامها وتشكيلاتها بنحو عامّ بحيث لا يُسمح بالخروج عليها وإن فعلت ما فعلت؛ فما تعتقد بكونه إسلاميّاً ومذهبيّاً وتوجب الحفاظ عليه بمقاتلة المناهضين له بل وسبي نسائهم وأطفالهم أيضاً، قد لا يراه غيرك إسلاميّاً ولا مذهبيّاً لكي يوجب الحفاظ عليه والسّكوت على كلّ ظلاماته وانتهاكاته وسرقاته، وبالتّالي: فالمسألة عائدة إلى طبيعة الدّليل الّذي تسوّقه وتظهّره، وفي النّهاية نجد أن الجميع: أوهام مذهبيّة ولدت لاحقاً ولا قيمة حقيقيّة لها.
#لذا فالصّحيح في أعصارنا: أن توضع مثل هذه الفتاوى وأصحابها في المتحف الفقهي وتُزار بين الفترة والأخرى لاستذكار الماضي الأليم وقباحته، والتّطلّع إلى المستقبل من خلال المصير إلى سيادة دولة يحكمها القانون وحقوق الإنسان المعاصر والسّعي الحثيث لتطبيقها، دولة تحفظ فيها كرامة الإنسان وحقوقه البشريّة بمعزل عن ديانته ومذهبه وعرقه؛ فليُتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
ميثاق العسر

وجوب الافتراء على علماء السّوء وإسقاط سمعتهم!!

#في مسجد الشّيخ الأنصاري في النّجف أواخر ستّينيّات القرن المنصرم وفي الأبحاث المخصّصة لولاية الفقيه من كتاب خارج البيع تحديداً، تعرّض المرحوم الخمينيّ المتوفّى سنة: “1409هـ” إلى من اصطلح عليهم بعلماء السّوء ـ وكأنّه يُشير إلى من سمّاهم بعلماء البلاط الشّاهنشاهي آنذاك ـ، وأوجب على مقلّديه في إيران الافتراء عليهم وإراقة ماء وجههم وخلع عمائمهم في الأزقّة والطّرقات وضربهم ضرباً خفيفاً أيضاً…إلخ؛ لنبدأ بترجمة ما قاله في مجلس درسه الّذي أصدر فيه هذه الفتوى أوّلاً، ونعطف الحديث بعد ذلك إلى ما يمكن ملاحظته:
#قال المرحوم الخميني في تاريخ الثّالث والعشرين من شهر ذي القعدة من عام: “1389هـ” ما ترجمته: «الله يعلم ما هي المصائب الّتي حلّت بالإسلام من أوائل بزوغه وحتّى اليوم بسبب علماء السّوء، لنأخذ أبا هريرة نموذجاً، فرغم كونه أحد الفقهاء ـ نعم هو أحد الفقهاء ـ لكن كم هي المصائب الّتي حلّت على الإسلام بسببه، وكم هي الأحكام الّتي أفسدها من أجل معاوية وأضرابه أيضاً. يضع على رأسه عمامة وأمثالها أو أنّه تعلّم أربع كلمات هنا [النّجف] أو هناك مثلاً، إنّ هؤلاء هم من أفسدوا الحالة الإسلاميّة ولا زلوا يفسدونها ويلوّثونها أيضاً، وقد جاء في الرّواية عليكم أن تخشوا على دينكم منهم؛ فإنّه يُذهبون بالدّين.
#ولأجل هذا جاء في إحدى الرّوايات جواز اغتيابهم، وفي بعضها ـ والّتي لا أذكر محلّها ـ بأنّ الافتراء عليهم جائز؛ فرغم أنّ الافتراء من المعاصي الكبيرة فإنّها جائزة في أمثال هذه المواطن بل وتجب في بعض الأحيان؛ وذلك لكي يُراق ماء وجه هذا الصّنف من رجال الدّين في المجتمع إذا كان لديهم ذلك؛ لأنّه إذا لم يُرق فإنّ إمام الزّمان سيسقط، وبالتّالي فإنّ الإسلام سيسقط، ولهذا يجب إسقاط هؤلاء، وعلى شبابنا أن يخلعوا عمائمهم من رؤوسهم.
#وأنا لا أدري هل أنّ شبابنا في إيران موتى كي لا يقوموا بمثل هذا العمل، عليهم أن يخعلوا عمائمهم، أنا لا أقول أقتلوهم لأنّهم غير قابلين للقتل، بل أطلب منهم أن يخلعوا عمائمهم في الأزقّة، لماذا تحوّل شبابنا إلى موتى؟! حينما كنّا هناك لم يكن الأمر هكذا.
#إنّ أمثال هؤلاء الّذين يُدخلون على الإسلام مثل هكذا مضارّ باسم فقهاء الإسلام وعلمائه، وبهذه الطّريقة يوجدون مفاسد في مجتمعاتنا، إنّ النّاس موظّفون، وإنّ شبابنا الغيارى موظّفون أيضاً: أن يضربوهم لا ضرباً مبرحاً بل خفيفاً، لكن من المستحسن أن تُلقى عمائمهم، ولا يدعوهم يأتون بعمائمهم بين النّاس، اخلعوا عمائمهم؛ فإنّ هذا الّلباس لباس شريف ولا ينبغي أن يلبسه كلّ أحد». [انتهى ما أفاده المرحوم الخميني مترجماً].
#أقول: إذا صرفنا النّظر عن الأسباب الإيرانيّة الدّاخليّة الّتي دعت المرحوم الخميني لإصدار هذه الفتوى والّتي لا تعنينا بطبيعة الحال لكونها شؤوناً داخليّة تخصّهم، إلّا أنّ هذه الفتوى مخيفة ومُقلقة عمليّاً حتّى وإن صحّت نظريّاً ولا تصحّ أيضاً؛ لأنّ تطبيقها سيكون بيد المكلّفين واجتهاداتهم، خصوصاً إذا ما أراد محبّوه وأنصاره غير الإيرانيّين أن يطبّقوها في بلدانهم على من يخالف فهمهم الدّيني والمذهبي حيث لا حسيب ولا رقيب، وهنا تنبثق أزمة إنسانيّة ودينيّة كبيرة لا يمكن الوقوف أمامها إلّا بتجفيف وتعرية المنابع الرّوائيّة والمذهبيّة لأمثال هذه الفتاوى، فليُتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر

إجرام داعش في رسائلنا العمليّة!!

#فصّل شيخ الطّائفة الإثني عشريّة الطّوسي المتوفّى سنة: “460هـ” في حكم قتل الأطفال الّذين يجعلهم المشركون دروعاً بشريّة فقال: «فإن كان ذلك حال التحام القتال جاز رميهم ولا‌ ‌يقصد الطّفل، بل يُقصد من خلفه، فإن أصابه وقتله لم يكن عليه شي‌ء؛ لأنّا لو لم نفعل ذلك لأدّى إلى بطلان الجهاد. وأمّا إذا لم يكن الحرب قائمة، فإنّه يجوز أن يُرموا [أيضاً]، والأولى تجنّبه».
#وبعد أن أوضح حكم هذه المسألة انتقل بعدها إلى حكم قتل أسارى المسلمين إذا جعلهم المشركون دروعاً بشريّة، ففصّل وقال: «وإذا تترّس المشركون بأسارى المسلمين، فإن لم يكن الحرب قائمة لم يجز الرّمي؛ فإن خالف كان الحكم فيه كالحكم في غير هذا المكان…؛ لأنّه فعل ذلك من غير حاجة، وإن كانت الحرب ملتحمة، فإنّ الرّمي جائز، ويقصد المشركين ويتوقى المسلمين؛ لأن في المنع منه بطلان الجهاد…». [المبسوط: ج2، ص11].
#ولهذا قال المرحوم الخوئي المتوفّى سنة: “1413هـ” في رسالته العمليّة منهاج الصّالحين: «قد اُستثني من الكفّار: الشّيخ الفاني، والمرأة، والصّبيان؛ فإنّه لا يجوز قتلهم، وكذا الأسارى من المسلمين الّذين أسروا بيد الكفّار، نعم؛ لو تترّس الأعداء بهم جاز قتلهم إذا كانت المقاتلة معهم أو الغلبة عليهم متوقّفة عليه». [منهاج الصّالحين، الخوئي: كتاب الجهاد، مسألة “17].
#وفي الحقيقة إنّ هذا الّلون من الفتاوى هو عين ما طُرح في كتب أهل السُنّة على اختلاف مذاهبهم أيضاً تقريباً، ويجده الفاحص بوضوح في الكتب المتقدّمة على الطّوسي أيضاً، وهو من هذا الجانب لا يختلف عن فقه داعش وغيرها من الحركات الإسلاميّة المتطرّفة أصلاً؛ لأنّها ترتضع من ثدي واحد، لذا نتمنّى أن يكون الباحث موضوعيّاً وهو يقرأ أحكام باب الجهاد عندنا كمسلمين ويرى انعكاساتها على الحركات الإسلاميّة الإثني عشريّة أيضاً كما سنلوّح لذلك في إثارات قريبة إن شاء الله، فتأمّل كثيراً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر

السّيستاني والهروب للأمام في زواج الصغيرة!!

#تعقيباً على فتوى المرجع الأعلى للطّائفة الإثني عشريّة المعاصر أعني السيّد عليّ السّيستاني المولود سنة: “1349هـ” الناصّة على : جواز الاستمتاع بالزّوجة الّتي سنّها دون التّاسعة قمريّة بالّلمس والتّقبيل والضمّ والتّفخيذ من غير عمليّة الدّخول المعروفة، أقول: تعقيباً على هذه الفتوى المتّفق عليها في الواقع الفقهيّ الإثني عشريّ بادرت مراسلة شبكة BBC البريطانيّة إلى الاستفهام من سماحته حول فحوى هذه الفتوى المتصادمة مع الواقع الأخلاقيّ البشريّ والقانونيّ المتّفق عليه طالبة تقديم إيضاح لذلك، لكنّ سماحته بدل أن يعترف بلا أخلاقيّة هذه الفتوى ولا إنسانيّة مرتكزاتها الرّوائيّة الإثني عشريّة المؤسفة بادر إلى الهروب إلى الأمام مموهاً عليها كشف الحقيقة، موظّفاً عناوين ثانويّة بل وأوليّة من دون الالتزام بلوازمها المذهبيّة فقال:
#كان زواج الصّغار ـ أي زواج غير البالغة من غير البالغ ـ أمراً متداولاً في العديد من المجتمعات الشّرقيّة إلى وقت قريب، ومن هنا تضمّنت الرّسائل الفتوائيّة في طبعاتها السّابقة بعض أحكامه، لكن لوحظ انحساره في الوقت الرّاهن فتمّ حذف جانب منه في الطّبعات الأخيرة، وما نُريد التأكيد عليه هو: أنّه ليس لولي الفتاة تزويجها إلّا وفقاً لمصلحتها، ولا مصلحة لها غالباً إلّا في الزّواج إلّا بعد بلوغها النّضج الجسمي والاستعداد النّفسي للممارسة الجنسيّة، كما لا مصلحة لها في الزّواج خلافاً للقانون بحيث يعرّضها لتبعات ومشاكل هي في غنى عنها» [استفتاء مقدّم بتاريخ: 26/09/2019].
#وفي ضوء الإجابة أعلاه يحقّ لنا أن نقدّم لسماحة السيّد السّيستاني هذا السّؤال: ما هو سنّ بلوغ الفتيات لدى سماحتكم بحيث يجوز ممارسة الجنس الشّرعيّ الإثني عشريّ معهنّ فيه؟!
#سيكون جواب السيّد السّيستاني واضحاً وجليّاً جدّاً: إنّ السنّ الشّرعي الّذي يجوّز فقهنا الإثنا عشريّ ممارسة الجنس مع في الفتيات فيه هو: تسع سنوات، وعليه: فممارسة الجنس الشّرعيّ مع الفتاة الّتي أكملت هذا العدد من السّنين لا مشكلة شرعيّة فيه عندنا، وهذا ديني ودين آبائي.
#وهنا يتوجّب علينا أن نسأل سماحته سؤالاً آخر فنقول: إذا كان الأمر كما تتفضّلون فماذا يعني حذفكم لأحكام زواج من هي دون التّاسعة من عمرها من رسالتكم العمليّة؟! هل يعني ذلك أنّكم وصلتكم إلى قناعة بعدم جوازه الشّرعي مثلاً أم أنّكم وصلتم إلى قناعة إلى عدم كونه مسألة ابتلائيّة باعتبار أنّ عموم المسائل الموجودة في رسالتكم العمليّة منحصرة في الابتلائيّات فقط؟!
#لا شكّ في أنّ السيّد السّيستاني لا يجرؤ أن يقرّر عدم جواز الزّواج بمن هي دون التّاسعة من عمرها فضلاً عن الإفتاء بعدم جواز الاستمتاع بما دون الدّخول بها، فهذه الأحكام متّفق عليها في الفقه الإثني عشريّ ولا يمكن بحال من الأحوال التّنازل عنها، لكنّ أقصى ما يستطيع سماحته فعله هو التّمويه على وسائل الإعلام الغربيّة بهذه الطّريقة، وكأنّ حذف بعض مسائل الاستمتاع بالأطفال من الطّبعات الجديدة سيحلّ المشكلة، وقد نسي سماحته أنّنا نعيش في عصر التّكنولوجيا الّتي هتكت أستار غرف النّوم، ويستطيع جميع من هو في أقصى الغرب أن يطّلع على المعلومة الّتي في أقصى الشّرق في ثوانٍ معدودة، وإذا كان سماحته يتصوّر أنّه بهذه الطّريقة من الإخفاء والتّمويه يستطيع أن يدفع المحاذير الجمّة المترتّبة على أمثال هذه الفتاوى حتّى ظهور القائم فهو مشتبه أيضاً؛ لأنّ السّابقين له كانوا يفكّرون بالطّريقة نفسها، وقد مرّ عليهم مئات السّنين ولم يظهر لا القائم ولا غيره أيضاً.
#ومحصّل ما نودّ بيانه على عجالة: إنّ الفتاوى الفقهيّة الصّادرة من الأئمّة “ع” في خصوص سنّ بلوغ الفتاة وجواز الزّواج والاستمتاع بها وهي “طفلة” مبتلاة بمشاكل اضطراب طويلة عريضة ربّما نوفّق لكشف بعض اضطراباتها في بحوث لاحقة، وما لم يتمّ التخلّص منها بمراجعة مقولة الإمامة الإلهيّة الإثني عشريّة وعرضها العريض فلا سبيل لنا إلّا امتهان الكذب والتّقيّة وانعكاسات ذلك على مجتمعاتنا أيضاً، فليُتأمّل من له قلب سليم عسى أن يستفيق من سكرته المذهبيّة، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر