بعد أن طرحنا في الحلقة الماضية عرضاً مختصراً لطبيعة ولاية الفقيه التي يراها السيستاني، ووجدنا إن هذا النمط من الولاية يرهن فعليّة أو فاعليّة ولاية الفقيه في دائرة الأمور التي يتوقّف عليها حفظ النظام بانتخاب الأمّة والمقبوليّة عند المؤمنين، نلاحظ: إن وضع هذه الصلاحيّات الزائدة في عنق الفقيه ورفعها يكون بيد الأمّة، وإذا كان الأمر […]
بعد أن طرحنا في الحلقة الماضية عرضاً مختصراً لطبيعة ولاية الفقيه التي يراها السيستاني، ووجدنا إن هذا النمط من الولاية يرهن فعليّة أو فاعليّة ولاية الفقيه في دائرة الأمور التي يتوقّف عليها حفظ النظام بانتخاب الأمّة والمقبوليّة عند المؤمنين، نلاحظ: إن وضع هذه الصلاحيّات الزائدة في عنق الفقيه ورفعها يكون بيد الأمّة، وإذا كان الأمر كذلك يحقّ لنا أن نقدّم التساؤلات التالية:
#الأوّل: حينما تلحظ الأمّة إن الفقيه الذي منحته صلاحيّات واسعة لإدارة نظام مجتمعها الإسلاميّ الشيعي أخفق في تحقيق طموحاتها المشروعيّة لأسباب لا تعود إلى قناعاته الاجتهاديّة الفقهيّة التي يُفترض أن يكون أعلم فيها، بل لأسباب سايكلوجيّة وتربويّة وتقديريّة، وربّما لعدم وجود رؤية استراتيجيّة في التعاطي مع الملّفات السياسيّة… فهل يحقّ للأمّة أن تسحب منه هذه الصلاحيّات، وتمنحها إلى فقيه آخر، يمتلك خبرة سياسيّة واجتماعيّة، وتبقى تعود إلىه “وهو المرجع الأعلى” في مسائل الحلال والحرام باعتباره الأعلم حسب الفرض، بل وتمنحه أيضاً أخماسها، وزكواتها، وأثلاث موتاها، وردّ مظالمها، وكفّاراتها؛ وتصوم وتفطر على أساس فتاويه أيضاً، ويبقى هو المرجع الأعلى من حيث عدد المقلّدين أيضاً، وبهذه الطريقة نحفظ للمرجعيّة هيبتها وكرامتها وشأنها؟!
#الثاني: ألا يحقّ للأمّة أن تدعو إلى تشكيل نظام رقابي منتخب أشبه بمجلس الخبراء الإيراني، يراقب أداء هذا الفقيه الذي مُنحت له الصلاحيّة، دون أن يتدخّل في فتاواه الفقهيّة والتي هي صلاحيّات منحها الشارع له في عصر الغيبة، وبذلك نتأكّد من مرور قراراته بمجموعة من الفلاتر الاستشاريّة الخبيرة الذي تقلّ من خلالها نسبة الخطأ إلى درجة معقولة؟! ونتخلّص بذلك من الارتجاليّة في القرارات وعدم التخصّص كما هي السمة الغالبة في وضعنا الحالي؟!
#إن قلت: إن هذا الأمر ممتنع التحقّق والمنال؛ فمن المستحيل أن تفرّق الأمّة بين المرجع الفقهي والمرجع السياسي في حوزة النجف المعاصرة؟!
#أقول: أ لا تقول المرجعيّة إن مسألة الهلال مسألة ثقافة وتربية، وعلى الناس أن يتعلّموا إن هلال شهر رمضان مسألة تقليديّة، ويمكن أن يختلف فيها مراجع التقليد فتكون ثلاثة أعياد وثلاثة رمضانات في السنة الواحدة، فمسألتنا من هذا القبيل أيضاً، فبعد سنوات من التثقيف سوف تصبح القضيّة طبيعيّة، ويتعلّم الناس على هذه التفريق، فأين المشكلة إذن؟!