هل يتعارض تذهيب قبّة ضريح عليّ “ع” مع سلوكه؟!

#المؤسف إنّ بعض الفقهاء المعاصرين يحسبون إنّ الشّارع إذا طلب تعظيم شيء فهو يعني فتح الميزانيّات الماليّة له من دون رقيب ولا حسيب، ومن دون مراعاة الفهم السليم للمحكمات القرآنيّة والروائيّة في كيفيّة تعظيمه، بل يصل الحال بهم أحياناً إلى السحق على مقاصد الشريعة ومنارات الأخلاق وقيمه من خلال فتاوى تنساق لتصحيح ما هو قائم من سلوكيّات مذهبيّة، #وعلى هذا الأساس استشكل أغلبهم ـ وعلى رأسهم المرحوم الخوئي ـ في الفتوى المشهورة بين الفقهاء والتي تقرّر حرمة تزيين المساجد بالذّهب، وقالوا: إن كانت هذه الحرمة بسبب الإسراف فإنّ الإسراف يتقوّم بفقدان الغرض العقلائي، ومن البيّن إنّ تعظيم الشّعائر من أعظم الدّواعي العقلائيّة كما هو المُشاهد في المشاهد المشرّفة!!
#ولستُ أدري: من هو الّذي يحدّد ضوابط الإسراف الّذي حرّمته الشرائع السماويّة والأخلاقيّة في أمثال هذه المواطن؟! عقلاء الشيعة والسُنّة المسكونون بقبليّاتهم التربويّة والاجتماعيّة والمذهبيّة والعشائريّة…إلخ، أم العقل القراح والعقلاء بما هم عقلاء بل بما هم متديّنون بشكل أخلاقيّ أيضاً؛ وذلك حينما يرون إن صرف أطنان من الذّهب الخالص وغيره من الأحجار الكريمة على قبّة قبر أفنى صاحبه كلّ عمره في سبيل محاربة الإسراف والتبذير والفقر والفاقة عمل لا ينسجم مع تطلّعات الدّين والأخلاق ومقاصدهما؟!
#لا أخفيكم بأنّي مع الثّاني وبقوّة أيضاً، بمعزل عن عواطفي وعشائريّتي ومذهبيّتي في التعامل مع هذه الملّفات، وبمعزل عن لغة “يستاهل الإمام” وكأننا في مأدبة عشائريّة ويحصل التفاخر والتكاثر فيها بمقدار الذبائح التي ذُبحت فيها، ولكن ينبغي على الجميع أن يعرف: #إنّ تعظيم المشاهد المشرفّة أمر واجب ولازم وضروري، ولكن بالطريقة التي أرادها صاحب المشهد وسلكها في حياته عمليّاً، لا بالطريقة التي أنتجتها تربيتنا المذهبيّة والمنبريّة والعاطفيّة والعشائريّة.