“… فلمّا رأت الشيعة ما قد وضعت (البكرية) أوسعوا في وضع الأحاديث، فوضعوا حديث الطوق الحديد الذي زعموا أنه [علي] فتله في عنق خالد، [ووضعوا]… حديث اللوح الذي زعموا أنه كان في غدائر الحنفية أم محمد، [ووضعوا]…حديث لا يفعلن خالد ما آمر به، [ووضعوا]… حديث الصحيفة التي عُلّقت عام الفتح بالكعبة، [ووضعوا]… حديث الشيخ الذي صعد المنبر يوم بويع أبو بكر فسبق الناس إلى بيعته، وأحاديث مكذوبة كثيرة تقتضي نفاق قومٍ من أكابر الصحابة والتابعين الأولين وكفرهم، وعلي أدون الطبقات فيهم، فقابلتهم (البكرية) بمطاعن كثيرة في علي وفي ولديه، ونسبوه تارة إلى: ضعف العقل، وتارة إلى: ضعف السياسة، وتارة إلى: حبّ الدنيا والحرص عليها. #ولقد كان الفريقان في غنية عما اكتسباه واجترحاه، ولقد كان في فضائل علي “ع” الثابتة الصحيحة، وفضائل أبي بكر المحقّقة المعلومة ما يغني عن تكلّف العصبية لهما؛ فإن العصبية لهما أخرجت الفريقين من ذكر الفضائل إلى ذكر الرذائل، ومن تعديد المحاسن إلى تعديد المساوئ والمقابح، ونسأل الله تعالى أن يعصمنا من الميل إلى الهوى وحب العصبية، وأن يجرينا على ما عودنا من حبّ الحقّ أين وجد وحيث كان؛ سخط ذلك من سخط، و رضي به من رضي، بمنّه ولطفه”[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج11، ص 49].
#أقول: هل تتصوّر أن نصبح يوماً من الأيام على تسجيل مرئيّ لمرجع من مراجع حوزتي النجف أو قم “المؤثّرين” وهو يطلق ما يشبه اعترافات أبن أبي الحديد المعتزلي الجريئة أعلاه؛ فيضع يده بحقّ ودراية وتخصّص على مواطن الخلل في تراثنا، ويرفع صوته جهاراً نهاراً: إنّنا بحاجة إلى إعادة النظر في مرتكزات ثقافتنا الشيعيّة المعاصرة؟! أم إنّه سيخلق ألف عنوان ثانويّ من أجل تبرير صمته عن مواجهة هذه الظواهر المريبة التي ستفتك “بعقلانيّة” عقيدتنا ومذهبنا عاجلاً أم آجلاً؟!