هل القرآن حلم يحتاج إلى معبّر!!

13 يناير 2017
2857
ميثاق العسر

#للمفكّر الإيراني المعروف عبد الكريم سروش نظريّة جديدة مُلفتة وغريبة في تفسير حقيقة القرآن تقع على طرفي نقيض من النظريّة السّائدة والمتعارفة؛ حيث يذهب إلى إنّ القرآن ليس كلاماً إلهيّاً مارس النبيّ محمد “ص” دور النّاقل له بحرفيّة تامّة كما هو التوجّه السّائد والمعروف، بل هو عبارة عن رؤى وأحلام قُدسيّة شاهدها النبيّ الأكرم “ص” […]


#للمفكّر الإيراني المعروف عبد الكريم سروش نظريّة جديدة مُلفتة وغريبة في تفسير حقيقة القرآن تقع على طرفي نقيض من النظريّة السّائدة والمتعارفة؛ حيث يذهب إلى إنّ القرآن ليس كلاماً إلهيّاً مارس النبيّ محمد “ص” دور النّاقل له بحرفيّة تامّة كما هو التوجّه السّائد والمعروف، بل هو عبارة عن رؤى وأحلام قُدسيّة شاهدها النبيّ الأكرم “ص” في حالات خاصّة، ومن ثمّ قام بنقلها إلى مخاطبيه بلغته العربيّة، وعلى هذا الأساس: فكما لا يمكن تفسير الرؤيا التي يراها الإنسان في منامه بطريقة المطابقة بل تحتاج إلى معبّر ومفسّر أحلام، فالقرآن وفقاً لنظريّة سروش بحاجة إلى مفسّر ومعبّر له.
#ويرى سروش أيضاً: إن الّلغة العربيّة شأنها شأن أيّ لغة أخرى تعاني من نواقص معيّنة، وهذه النواقص ألقت بظلالها على طبيعة صور الرؤى الحالمة وطبيعة الّلغة التي يريد الحالم وهو النبيّ “ص” [على حدّ تعبيره] أن ينقل رؤياه وحلمه عن طريقها؛ إذ الّلغة ليست قوالب لفظيّة معلّقة في الفضاء الطلق، بل هي كائن حيّ تولّده سياقات ثقافيّة واجتماعيّة واقتصاديّة وتربويّة ونفسيّة… إلخ، ولأجل إيضاح نظريّته يقول:
#حينما تشكّل الأبل عمدة حياة العرب في تلك الأيّام فمن الطّبيعي جدّاً أن تكون لها اسماء كثيرة جدّاً تربو على الثّلاثين، ومن الطبيعي أيضاً أن يوظّف النبيّ “ص” نفس هذه المفردات في التعبير عن رؤياه القدسيّة الصادقة في آيات مختلفة تحدّثت عن الأبل.
#وحينما يكون سواد العين الشديد مقياس جمال المرأة عند العرب فمن الطّبيعي جدّاً أن يوظّف النبيّ “ص” مفردات حور العين في وصف رؤياه لهم، ومن هنا يقرّر سروش بوضوح: استبعد جدّاً إنّ الرسول الأكرم “ص” لو كان حاضراً في عصرنا الحالي سيتحدّث عن جماليّة العيون السّود، بل يلحظ جماليّة العيون الزّرقاء والخضراء…إلخ مثلاً.
#أقول: رغم اختلافنا الشّديد مع هذه النظريّة عقيدة وعلماً لكن ما أتمنّاه على الإساتذة الكرام في حوزة النجف الأشرف وغيرهم من الباحثين المهتمّين بالشأن الإسلامي أن لا يتعاملوا مع هذه النظريّة بنفس الطّريقة المعروفة في حوزاتنا من التكفير والتفسيق والتضليل، بل ينبغي موضعتها في إطارها السّليم، والتأنّي قبل نقدها في معقوليّتها وانسجامها مع المنظومة الإسلاميّة، ورؤية قدرتها على تقديم تفسير كامل ومنسجم للآيات المشكلة في القرآن الكريم، ومن ثمّ القيام بكتابة نقد علمي وموضوعي لها لكي نحصّن مجتمعنا الشيعيّ من أمثال هذه النظريّات، #على أن أشير إلى: إنّ الرجل قد أجاب بطريقته الخاصّة على جميع الاشكالات التي تُثار ضدّ نظريّته كتعارضها مع ظاهر بعض الآيات القرآنيّة مثلاً، ونتمنّى أن نوفّق في مقالات لاحقة لعرض النظريّة بشكل تفصيلي، وعرض شيء من تطبيقاتها، ومن ثمّ تقديم محاولة نقديّة لها، والله من وراء القصد.


تنطلق إجابات المركز من رؤية مقاصدية للدين، لا تجعله طلسماً مطلقاً لا يفهمه أحد من البشرية التي جاء من أجلها، ولا تميّعه بطريقةٍ تتجافى مع مبادئه وأطره وأهدافه... تضع مصادره بين أيديها مستلّةً فهماً عقلانياً ممنهجاً... لتثير بذلك دفائن العقول...