من أوهام الصناعة الفقهيّة!!

يُعدّ الإجماع أحد المصادر التي يستند إليها الفقيه الشيعي في إثبات بعض الأحكام الشرعيّة، لكنّه تعرّض في القرون الأخيرة إلى هزّات علميّة كبيرة أسقطته عن الحجيّة #نظريّاً، وأخر هذه الهزّات هو ما اختاره المرحوم الخوئي “1899ـ1992م” في بحوثه الأصوليّة؛ حيث ذهب إلى عدم حجيّته، وناقش جميع الأدلّة التي طُرحت أو يمكن أن تُطرح لتثبيته، وبالتالي: ينبغي على طالب الحوزة الذي يُريد مناقشة قواعد الصناعة الفقهيّة عند أستاذ المراجع والفقهاء المعاصرين ـ أعني الخوئي ـ أن يعرف هذه البديهيّة الأصوليّة في مبانيه.
#لكن الخوئي بعد أن نصّ بأوضح العبارات على عدم وجود مستند لحجيّة الإجماع أصلاً، ومن ثمّ فإن الإجماع لا يمكن أن يكون حجّة، عاد ليقرّر إن #مخالفة الاجماع المحقّق من أكابر الأصحاب وأعاظم الفقهاء ممّا لا نجترئ عليه، فلا مناصّ في موارد تحقّق الاجماع من الالتزام بالاحتياط اللازم، كما التزمنا به في بحث الفقه [على حدّ تعبيره !!!]”. [مصباح الأصول: ج1، ص163].
#ولم يكتف المرحوم الخوئي بالتهيّب في هذا المكان فقط، بل تهيّب وتسمّر أمام الشهرة الفتوائيّة في بعض فتاواه الفقهيّة أيضاً، مع إنّ مبناه الأصولي يرى عدم ثبوت الحجّيّة لها جزماً. [مصباح الأصول: ج1، ص170].
#ومن حقّك أن تسأل حينئذٍ: ما هو الأثر العملي لوهم الصناعة الفقهيّة التي تقضون سنوات طويلة في دراستها وتلزمون طالب الحوزة المسكين ضرورة اتقانها إذا كان أستاذ المراجع والفقهاء المعاصرين لا يجرؤ على الالتزام بنتائجها في مقام الإفتاء؟!
#والجواب: قد يحاول بعضهم أن يوجد تبريرات من هنا وهناك لمثل هذه الانتقائيّة، وقد يجعل آخرون الموضوعيّة الفقهيّة للمرحوم الخوئي تحت طائلة السؤال، لكن علينا أن نعرف إن الحوزة بصياغتها المعاصرة هكذا بدأت، وهكذا تنتهي، شأنها شأن أيّ مؤسّسة بشريّة أخرى، فيها جوانب إيجابيّة، وفيها سلبيّات أيضاً، #وعلينا أن نُظهر السلبيّات وننتقدها، ونهشّم قداستها في أذهان السُذّج والمنتفعين؛ بغية أن تعمّ الإيجابيّات على ربوعها، وترجع الأمور إلى نصابها، والله الهادي إلى سبيل الصواب.