#بعد تحرير كتاب الشّهيد الخالد وقبل تحويله إلى المطبعة أقدم المرحوم صالحي النّجف آبادي إلى إرساله عن طريق البريد إلى طهران محل إقامة صديقه القديم المرحوم مرتضى المطهري؛ وذلك لإخذ رأيه حول مضمونه ورأيه حول وجود مصلحة في طباعته في هذا التّوقيت أم لا، فجاءه الجّواب بخطّ يد المطهري ما ترجمته: #العالم الجّليل المحقّق الكبير […]
#بعد تحرير كتاب الشّهيد الخالد وقبل تحويله إلى المطبعة أقدم المرحوم صالحي النّجف آبادي إلى إرساله عن طريق البريد إلى طهران محل إقامة صديقه القديم المرحوم مرتضى المطهري؛ وذلك لإخذ رأيه حول مضمونه ورأيه حول وجود مصلحة في طباعته في هذا التّوقيت أم لا، فجاءه الجّواب بخطّ يد المطهري ما ترجمته:
#العالم الجّليل المحقّق الكبير سماحة الشّيخ نعمت الله صالحي النّجف آبادي “دامت إفاضاته”: صديقي العزيز والودود أسأل الله أن تكون بسلامة وتوفيق وتأييد، لقد طالعت كتابكم النّفيس مرّة واحدة بدقّة واستفدت منه، علماً: إنّي وجدت فيه جهوداً كثيرة لكم وإنجازاً لعمل غير مسبوق وفقاً لذوقكم وسليقتكم، ولا أخفيكم سعادتي الفائقة لأنّي أقرأ لأوّل مرّة بحثاً عن تاريخ سيّد الشّهداء بصيغة تاريخيّة وعقلانيّة، وأتمنّى نشره رغم عدم اتّفاقي مع بعض استنتاجاته، وإذا كانت بعض أقسام هذا الكتاب تجعلكم مصداقاً للمقولة القائلة: “من صَنّف فقد اُستهدف” إلّا إنّه سيكون خطوة في طريق التّكامل الاجتماعي من حيث جعله لتاريخ الحسين “ع” محلّاً لصراع الأفكار والآراء بصيغة منطقيّة».
#لكن الّلافت والمحيّر في الأمر: إنّ المؤسّسة المعنيّة بنشر تراث المرحوم المطهري أقدمت على طباعة بعض تعليقاته ومسودّاته الّتي كان يسّجلها “رحمه الله” حين قراءته على الكتب من باب النّقد السّريع بأمل أن يجد فرصة لمراجعتها أو إعادة تقويمها إذا ما أراد أن يحوّلها إلى مادّة مطبوعة وهي طريقة تمّ تداولها أخيراً عند بعض المؤسّسات الشّيعيّة للأسف الشّديد، وقد حملت هذه التّعليقات نقوداً كثيرة لكتاب الشّهيد الخالد تتنافى تمام التّنافي مع ما سجّله المطهري بخطّ يده من تقويم لهذا الكتاب، بل حمل بعضها تجنّياً واضحاً ونسبة خاطئة حيّرت مصنّف الشّهيد الخالد في كيفيّة توجيهها المعرفي وربّما الأخلاقي أيضاً؛ بحيث اضطرّ أن يضع مبلغاً مالياً كبيراً في وقتها كجائزة نقديّة لمن يُرشده إلى مصدرها في كتابه، من قبيل قوله: إنّ مصنّف كتاب الشّهيد الخالد يرى «إنّ الإمام كان على استعداد لمبايعة يزيد، لكنّه لم يكن مستعدّاً بالمقابل للاستسلام بدون قيد أو شرط لابن زياد؛ ذلك أنّه كان على يقين إن ابن زياد سيقتله شرّ قتلة لا محالة» [الملحمة الحسينيّة: ج3، ص206].
#اعتقد إنّ كثيراً من الملاحظات الّتي تُسجّل على هذا الكتاب وأضرابه سببها الحاجز العاطفي الرّهيب الّذي يمنع القارئ من الذّهاب صوب قراءة الكتاب بنفسه بتجرّد دون نقل هذا أو ذاك؛ ويتحمّل مسؤوليّة إيجاد هذا الحاجز فتاوى بعض مراجع قم في ذلك الوقت النّاصة على تحريمه وتقريع صاحبه قبل قراءته والاطّلاع عليه رغم مساعي المصنّف الحثيثة لذلك، وفي عقيدتي: إنّ الوقت قد حان لإعادة قراءة حركة الحسين بن عليّ “ع” بشكل واقعي وطبيعي؛ بعيداً عن النّظارات الكلاميّة والمذهبيّة الّتي تنحر هذه الحركة من الوريد إلى الوريد، وسنعود إلى الإشارة لبعض تفاصيل هذا الموضوع في مقالات لاحقة إن شاء الله تعالى.