مقارنة غيبة المهدي “ع” بغيبة موسى “ع”!!

#بعد مئة سنة تقريباً من ولادة المهدي “ع” المفترضة زار المحدّث الصّدوق مدينة السّلام بغداد فسأله رجلٌ هذا السّؤال: «إنّ الغيبة قد طالت، والحيرة قد اشتدّت، وقد رجع كثير عن القول بالإمامة لطول الأمد، فكيف هذا؟!».
#فأجابه الصّدوق: إنّ سُنّة الأوليّن في هذه الأمة جارية حذو النعل بالنعل كما روي عن الرّسول “ص” ذلك؛ فقد ذهب موسى “ع” إلى ميقات ربّه على أن يرجع إلى قومه بعد ثلاثين ليلة فأخّره الله عشراً إضافيّة فقط، فما كان إلّا أن استطال قومه هذه المدّة القصيرة وقست قلوبهم وفسقوا عن أمر ربّهم ونبيّه وعصوا خليفته هارون وكادوا أن يقتلوه بل عبدوا العجل أيضاً… #فليس بعجيب أن يستطيل الجهال من هذه الأمة مدة غيبة صاحب زماننا “ع” ويرجع كثير منهم عمّا كانوا دخلوا فيه بغير أصلٍ وبصيرةٍ ثم لا يعتبرون بقول الله تعالى ذكره حيث يقول: “ألم يأن للّذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحقّ ولا يكونوا كالّذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون”… #فقال له هذا السّائل المسكين: وماذا أنزل الله عز وجلّ في كتابه في هذا المعنى؟! #فأجابه الصّدوق: قوله عزّ وجلّ: «”آلم؛ ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتّقين؛ الّذين يؤمنون بالغيب» يعني بالقائم “ع” وغيبته… [وساق بعدها روايات إمّا ضعيفة أو ليست لها علاقة بالمهدي “ع” المعروف إلّا من باب إسقاط الوقوع على الصّدور كما نبّهنا في المقال السّابق]». [كمال الدّين وتمام النّعمة: ص17].
#ولي في المقام تعليقان عاجلان:
1ـ إنّ قوم موسى عاشوا معه سنين طويلة وعاشروه وعرفوا منه ما عرفوا فكان أن غاب عنهم عشرة أيّام إضافيّة فحصل ما حصل ووقع ما وقع، لكنّ السّائل الّذي سأل الصّدوق لم ير الحجّة “ع” على الإطلاق بل حتّى الصدّوق أيضاً لم يره سوى في المنام الّذي كتب كتابه كمال الدّين وتمام النّعمة وفقاً لوصيّته، فلا أدري ما هو وجه المقارنة بين غيبة موسى ليال إضافيّة معدودة وبين غيبة الحجّة “ع” ما يقرب من مئة سنة من تاريخ ولادته المفترضة وحتّى وقت هذا الّلقاء؟!
2ـ ربّما نجد العذر لمحدّث متديّن ورع كالصّدوق أن يتحدّث بهذه الطّريقة ويسوّق هذا الكلام في تلك الفترة الزّمنيّة، لكن يصعب جدّاً أن نجد العذر لباحث يعيش في القرن الواحد والعشرين ويدّعي العقل والعقلانيّة وهو يسوّق هذا الكلام من على منبره أو في كتابه أو موقعه… فهذا من العجب العجاب؛ وعلى الباحثين أن يثبّتوا عرش المهدويّة بنسختها الشّيعيّة بشكل برهانيّ أوّلاً [مرحلة كان التّامة]، وينتقلوا بعد ذلك إلى نقش ما بدا لهم من مقولات الإيمان ثانياً [مرحلة كان النّاقصة]، والله من وراء القصد.


تنطلق إجابات المركز من رؤية مقاصدية للدين، لا تجعله طلسماً مطلقاً لا يفهمه أحد من البشرية التي جاء من أجلها، ولا تميّعه بطريقةٍ تتجافى مع مبادئه وأطره وأهدافه... تضع مصادره بين أيديها مستلّةً فهماً عقلانياً ممنهجاً... لتثير بذلك دفائن العقول...