#حصلت مناظرة أو مذاكرة شديدة بين عبد الله بن أبي يعفور والمعلّى بن خنيس حول حقيقة النظرة الّتي ينبغي على الشّيعي أن يحملها تجاه الأئمّة “ع”؛ فذهب المعلّى إلى إنّ الأئمّة أنبياء، وذهب ابن أبي يعفور إلى إنّهم علماء أبرار أتقياء، فاحتكما إلى الإمام جعفر بن محمد الصّادق “ع” ليرى رأيه في هذا الموضوع، فما أن دخلا عليه واستقرّ بهما المجلس حتّى خاطب الإمام ابن أبي يعفور بالقول: “إنّي أبرأ ممّن قال إنّا أنبياء”. [رجال الكشّي: ج2، ص515، الرواية صحيحة].
#وعلى أساس هذا الميزان لا تستغرب إذا ما قرأت نصّاً للمرحوم مهدي بحر العلوم يقول فيه: «وأمّا إسناد القول بالرأي [أي الاجتهاد] إلى الأئمة “ع” فلا يمتنع أن يكون كذلك في العصر المتقدّم، وقد حكى جدي…عن الشهيد الثاني… أنّه احتمل [في ثبوت عنوان الشّيعي] الاكتفاء في الإيمان بالتصديق بامامة الأئمة “ع” والاعتقاد بفرض طاعتهم، وإن خلا [ذلك] عن التصديق بالعصمة عن الخطأ، وأدّعى إنّ ذلك: هو الذي يظهر من جلّ رواتهم وشيعتهم؛ فإنّهم كانوا يعتقدون أنّهم “ع” علماء أبرار، افترض اللّه طاعتهم، مع عدم اعتقادهم العصمة فيهم، وأنّهم “ع” مع ذلك كانوا يحكمون بإيمانهم وعدالتهم…، وفي كتاب أبي عمرو الكشّي جملة من ذلك». [رجال بحر العلوم: ج3، ص219].
#بلى؛ وفي سياق المنافحة مع الآخر دخلت على الخطّ بعد ذلك مجموعة من المقولات الكلاميّة والعرفانيّة والفلسفيّة والأصوليّة والمنبريّة فنحتت قوالب صناعيّة فرضت واقعاً اجتماعيّاً وتربويّاً شيعيّاً آخر استحكم استحكام الفولاذ؛ فصار قول المعلّى بن خنيس يمثّل أضعف درجات الإيمان، وتحوّل قول عبد بن أبي يعفور إلى قول المرجئّة والوهابيّة ممّن هم خارج عن المذهب وأعداءه بلا شكّ وريب، فجاءت مفاهيم الضّرورات الدينيّة والمذهبيّة لتفعل فعلتها، وبين هذا وذاك تُفتتح دكاكين وتُغلق أخرى، ويُفسّق فريق ويُعلى من شأن فريق آخر، وهكذا تُستنزف طاقات وأقلام ويصل الاحتراب إلى أوجه بين أبناء المذهب الواحد، وبغض النّظر عن حقّانيّة أيّ واحد من الآراء المتقدّمة وعن العقيدة القلبيّة والإيمانيّة للإنسان ولكن: #هل يسألك الله عن جميع ذلك يوم القيامة؟! فكّر بمعزل عن تأثيرات المحيط المذهبيّة الضاغطة وأجب عقلك عن ذلك، والله من وراء القصد.