#تمكّن المرحوم الشّهيد السيّد محمد محمد صادق الصّدر “1943ـ1999م” من تهيئة أرضيّة دينيّة خصبة جدّاً بين عموم النّاس في أواخر تسعينات القرن المنصرم، وقد أسهمت دماؤه “رحمه الله” في شدّ الشّارع الشّيعي العراقي نحو الدّين ومراميه وأهدافه، كما كشفت زيف بعض المنافقين في داخل الوسط الحوزوي وجملة من رموز ما يُصطلح عليه بالمعارضة العراقيّة في ذلك الوقت، وإنكار هذا الأمر إنكار للواضحات.
#لكنّ الملاحظ إنّ الفرصة لم تؤاتيه “رحمه الله” لتهيئة جيل حوزويّ ناضج وكامل من التّلاميذ بحيث يكون لهم القدرة والقابليّة على استغلال تلك الأرضيّة الخصبة كما كان يريد ويسعى “رحمه الله”؛ أو يكون لهم حضور حوزويّ فاعل على غرار حضور طلّاب ابن عمّه المرحوم الشّهيد محمد باقر الصّدر؛ إذ خطفه الموت منّا وهو في بداية مشواره، ولا شكّ إنّ فرصة ظهوره ومرجعيّته لم تكن كافية لذلك.
#وقد بقيت هذه الثّغرة واضحة وجليّة بعد سقوط النّظام في عام: “٢٠٠٣م”؛ إذ سرعان ما طرح بعض تلامذته مرجعيّتهم لسبب وآخر، وهو أمر وإن لاقى مقبوليّة سياسيّة لكنّه واجه ولا زال يواجه رفضاً حوزويّاً من مختلف التّوجهات الّتي فيها، بل وقفت بعض المرجعيّات موقفاً حازماً إزاء هذا الموضوع، ومهما كانت النّتيجة فقد تنبّه جملة من تلامذته الآخرين والمنخرطين في دائرته “رحمه الله” إلى ضرورة إكمال مشوارهم العلمي والاندماج مع ما يصطلحون عليه بالحوزة السّاكتة ودروسها، وهكذا تواصلوا درساً وتدريساً ولا زالوا في هذا الطّريق، ونتمنّى التّوفيق لهم في توجّهاتهم العلميّة والحوزويّة إن شاء الله تعالى.
#لكن المشكلة الأصليّة الّتي خلّفها هذا الفراغ العلمي تكمن في بعض العناصر الّتي كان المرحوم الشّهيد قد وظّفها في مشروعه من باب ضيق الخناق وعدم المندوحة انطلاقاً من المثل العراقي الشّهير من “قلة الخيل…” كما نصّ هو بنفسه على ذلك؛ إذ استغلّت هذه العناصر قربها المكاني من المرحوم الشّهيد أشدّ استغلال، ولم توفّق في إكمال دراستها أو الشّروع بها أصلاً؛ فتحوّلت إلى بلاء مبرم لتكرّس الطّائفيّة وتنساق في مشاريع تعدّد الولاءات حسب الحاجة والطّلب، ولعلّ أمثال هذه الظّواهر هي واحدة من أبرز عقبات الوعي بين شيعة العراق، #وعلى طلّاب المرحوم الشّهيد السيّد محمد الصّدر ممّن واصلوا ويواصلوا تحصيلهم العلمي أن يبعدوا أمثال هذه النشازات عن المشروع الرسالي للشّهيد السّعيد، كما عليهم بذل الجّهد والعناية والتّركيز على الاستمرار في طريق تثبيت مواقعهم كعلماء وفضلاء في الوسط الحوزويّ بقوّة وحزم، وبداية هذه المرحلة تبدأ بالابتعاد عن لغة تراث الأستاذ المقدّس؛ فالعلم لا يعرف مقدّسات ولا يعرف جغرافيا ولا حدود… رحم الله الشّهيد، وأسكنه فسيح جنانه، وسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيّاً.