أ رأيت كيف تنتفض القبائل والعشائر الماضية لنصرة أبنائها والذبّ عنهم حتّى آخر قطرة دم لديها سواء أكانوا محقّين أم مبطلين؛ انسياقاً مع القانون القبلي الذي يقول: “أنصر أخاك ظالماً ومظلوماً”؟!… وهكذا يتكرّر المشهد عيناً في هذه الأيّام ولكن في حقل مختلف؛ إذ يُحشّم بعض المراجع والخطباء والوعّاظ والملالي النّاسَ البسطاء بمقولةٍ جديدةٍ معلّبة بعناوين عاطفيّة دينيّة فحواها: “أنصر مذهبك ظالماً ومظلوماً”!! ورغم إنّ المذهب الشيعيّ بصورته الواقعيّة التي رسمها له محمد وآله الطّاهرين “ع” سيستحكم في النفوس ويستقرّ إذا ما حذفنا بعض العادات المذهبيّة المتأخّرة والطقوس العاشوريّة المستحدثة التي لم ينزل الأئمّة “ع” بها من سلطان، لكنّك تجد تحريضاً واستقتالاً من هؤلاء في سبيلها؛ ليس لشيء سوى إنّها تعزّز مكانتهم ومكانة الجهل في الأمّة؛ وعلينا أن نعرف جيّداً: إن من يروّج لحقّانيّة المذهب بهذه الطريقة العشائريّة والقبليّة فهو يريد أن يكرّس للجهل والأمّيّة، ويشرعن للفساد والّلا عقلانيّة، وعليه أن يراجع وعيه ويتذّكر تقريع إبراهيم لقومه حينما قال لهم: لقد كُنتُم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين.