من المعلوم لكلّ دارس لأوّليّات البحث المعرفي إنّ إثبات وصف للشيء فرع إثبات وجوده أوّلاً، وعلى هذاالأساس فمن الخطأ منهجيّاً: أن نستند إلى نفس روايات ومرويّات أهل البيت “ع” لإثبات إمامتهم؛ بل علينا في الرّتبة السّابقة أن نثبت إمامتهم بدليل مستقلّ، فإذا ثبتت إمامتهم وطبيعتها مفهوماً وتأكدّنا من انطباقها عليهم مصداقاً يصحّ الانتقال بعد ذلك إلى رواياتهم ومرويّاتهم للحديث عن أوصافها، لكنّ المؤسّف إنّنا نلاحظ: إنّ بعض المعلّقين يلجؤون إلى ذكر نفس روايات ومرويّات أهل البيت “ع” للحديث عن أصل تحقّق إمامتهم وهذا أوّل الكلام كما يقولون.
#حينما نعود إلى النّصوص القرآنيّة والنّبويّة المحكمة الصّحيحة نجدها تتحدّث عن ضرورة الإمامة، لكن الخلاف وقع بعد ذلك في طبيعتها أوّلاً، وفي مصداقها ثانياً؛ ففهم معظم النّاس من الإمام أي الخليفة والقائد السّياسي واعتبروا الشّورى والبيعة طريقها، وفهم الشّيعة المتأخّرون من الإمام ما هو أوسع من ذلك واعتبروا النّص هو: الطّريق الحصريّ لإثبات إمامته، وعلى هذا الأساس: وقع الخلاف الشّديد بينهم في تشخيص إمامة الإمام الّلاحق بعد رحيل السّابق؛ حيث لم تكن مصاديق الإمامة واضحة لدى خُلّص أصحابهم “ع” فضلاً عن عموم النّاس.
#في سياق المنافحة والمناكفة مع الفرق الشّيعيّة الأخرى، ولأجل قطع الطّريق أمام هذه الدّعاوى المتكرّرة لجأ المتكلّمون الشّيعة إلى إثبات النّص الإلهيّ والنّبوي بالاسم على إمامة الأئمّة الأثني عشر المعروفين عندنا فجاء حديث الّلوح وغيره لأجل ذلك، لكنّ هذه المحاولة عدّتها جميع الفرق الشّيعيّة الأخرى من قبيل الأدلّة بعد الوقوع، ونصّوا على إنّها خرافات ليس إلّا؛ إذ لو كانت حقيقة لعلم بها أبناء الأئمّة المتقدّمين والمتوسّطين “ع” ولم يتخالفوا فيما بينهم رغم عدم وجود الخلاف في ورع بعضهم وتقواه ودينه.