فاطمة بنت الحسين “ع” وزواجها من حفيد عمر وعثمان!!

2 يناير 2018
1686
ميثاق العسر

#يقولون: لمّا حضرت وفاة الحسن المثنّى قال لزوجته فاطمة بنت الحسين الشّهيد “ع”: «إنّك امرأة مرغوب فيك، فكأنّي بعبد الله بن عمرو بن عثمان [بن عفّان] إذا خُرج بجنازتي قد جاء على فرس مرجّلاً جُمّته لابساً حلّته، يسير في جانب النّاس يتعرّض لك، فانكحي من شئت سواه؛ فإنّي لا أدع من الدّنيا همّاً غيرك. فأمنّته […]


#يقولون: لمّا حضرت وفاة الحسن المثنّى قال لزوجته فاطمة بنت الحسين الشّهيد “ع”: «إنّك امرأة مرغوب فيك، فكأنّي بعبد الله بن عمرو بن عثمان [بن عفّان] إذا خُرج بجنازتي قد جاء على فرس مرجّلاً جُمّته لابساً حلّته، يسير في جانب النّاس يتعرّض لك، فانكحي من شئت سواه؛ فإنّي لا أدع من الدّنيا همّاً غيرك. فأمنّته من ذلك، وأثلجته بالأيمان من العتق والصّدقة لا تزوّجه». فلمّا مات الحسن المثنّى وخُرج بجنازته وإذا بعبد الله بن عمرو في الحال الّتي وصفها المثنّى به، وكان يُقال له لجماله: “المُطْرَف”، «فنظر إلى فاطمة حاسرة تضرب وجهها، فأرسل إليها: أنّ لنا في وجهك حاجة، فارفقي به، فاسترخت يداها، وعُرف ذلك منها، وخمّرت وجهها؛ فلمّا حلّت أرسل إليها فخطبها، فقالت: كيف بيميني الّتي حلفت بها؟ فأرسل إليها: لك مكان كلّ مملوك مملوكان، ومكان كلّ شيء شيئان. فعوّضها من يمينها فنكحته…» [نسب قريش: ص50؛ تاريخ دمشق: ج70، ص17].
#لكنّ البخاري في صحيحه وبتبعه المفيد في إرشاده نقلوا ما يتراءى منه التّناقض مع الرّواية الآنفة الذّكر؛ حيث يقولا والّلفظ للأخير: «ولمّا مات الحسن بن الحسن [المثنّى] “رحمة الله عليه” ضربت زوجته فاطمة بنت الحسين على قبره فسطاطاً وكانت تقوم الليل وتصوم النّهار، وكانت تشبه بالحور العين لجمالها فلمّا كان رأس السنة قالت لمواليها: إذا أظلم الليل فقوضوا هذا الفسطاط، فلما أظلم الليل سمعت قائلاً يقول: هل وجدوا ما فقدوا؟ فأجابه آخر: بل يئسوا وانقلبوا».[صحيح البخاري: ج2، ص88؛ الإرشاد: ج2، ص26].
#وكيفما كان؛ وبغضّ الطّرف عن حقّانيّة أمثال هذه القصص والحکایات وعدم حقّانيّتها خصوصاً وإنّ بعضها وردت في بعض كتب الأنساب الشّيعيّة المعتبرة كما سنشير في مقالات تالية، فإنّ فاطمة بنت الحسين الشّهيد “ع” قد تزوّجت من عبد الله بن عمرو [وهو حفيد الخليفة الثّالث من طرف الأب وحفيد الخليفة الثّاني من طرف الأمّ] بعد وفاة زوجها الحسن المثنّى، فولدت له: محمداً وسُمّي من حُسنه الديباج، والقاسم، ورقية، لكن بقيت عندنا مشكلة تاريخيّة لا يمكن حلّها ببساطة وهي: إنّ وفاة الزّوج الأوّل لفاطمة بنت الحسين الشّهيد “ع” ـ أعني الحسن المثنّى ـ هي في سنة: “97هـ” كما صرّح معظمهم، وأمّا وفاة الزّوج الثّاني لها ـ عبد الله بن عمرو ـ فنصّوا على إنّها في سنة: “96هـ”، لكن هذه المشكلة لا تكذّب أصل خبر الزّواج الثّاني، وكيف يكون ذلك ووجود أولاد لفاطمة بنت الحسين الشّهيد “ع” من حفيد الخليفة الثّالث من الواضحات التّاريخيّة.
#نعم؛ تُلقي هذه المشكلة بطائلة التّشكيك على تاريخ وفاة الحسن المثنّى زوجها الأوّل، وإنّ ما ذكره معظمهم من كون تاريخ وفاته سنة: “98هـ” ليس دقيقاً، خصوصاً وإنّ فرضيّة زواج فاطمة بنت الحسين الشّهيد “ع” بعد سنة من هذا التّاريخ وهي في عمر يقترب من الخمسين حسب الفرض وإنجابها ثلاثة أولاد أيضاً فرضيّة تحتاج إلى عنايات زائدة للتّصديق بها، ومن هنا فقد يُرجّح الخبر الّذي نقله المفيد في إرشاده من إنّ الحسن المثنّى رحل عن هذه الدّنيا وهو في عمر الخامسة والثّلاثين [الإرشاد: ج2،ص26]، أو أن يُقال لكي نحفظ الانسجام لبعض المنقولات التّاريخيّة: إنّ وفاة الحسن المثنّى كانت في سنة: “91هـ” وفاطمة كانت في عمر الأربعين مثلاً، وبقيت مع زوجها الثّاني فترة خمس سنوات فأنجبت ثلاثة أولاد ومات عنها في سنة: “96هـ”، والله العالم بحقائق الأمور.
#بلى؛ بقيت فاطمة بنت الحسين الشّهيد “ع” حيّة حتّى توفّيت سنة: “116هـ” تقريباً… وفي سياق أهداف هذه السّلسلة سنتابع في الحلقات القادمة كيف وُظّفت فاطمة بنت الحسين الشّهيد “ع” في: إثبات الإمامة الإثني عشريّة وتمريرها في أولاد وأحفاد الحسين “ع” دون أولاد الحسن “ع” وأحفاده، وسنرى كيف ميّع المنظّرون الإثنا عشريّة كاشفيّة زيجاتها عن مدى التّواشج والتّلاحم بين أُسر المدينة المنوّرة في تلك الفترة الزّمنيّة، خلافاً للصّورة النّمطيّة السّوداويّة المُظلمة الّتي سعى بعض الرّواة وزيارات ما بعد الوقوع ولعناتها لفرضها وبسط هيمنتها حتّى اليوم فتفطّن.


تنطلق إجابات المركز من رؤية مقاصدية للدين، لا تجعله طلسماً مطلقاً لا يفهمه أحد من البشرية التي جاء من أجلها، ولا تميّعه بطريقةٍ تتجافى مع مبادئه وأطره وأهدافه... تضع مصادره بين أيديها مستلّةً فهماً عقلانياً ممنهجاً... لتثير بذلك دفائن العقول...