#للرّاحل الشّهيد محمد باقر الصّدر لمحة سريعة وخاطفة وعميقة في نفس الوقت يمكن جعلها مرتكزاً هامّاً لقراءة هادفة للنّصوص الرّوائيّة ورواتها؛ إذ يرى “رحمه الله”: إنّ من يتتبّع أحوال المنتسبين إلى أهل البيت “ع” ورواة حديثهم يجدهم على اتّجاهين:
1ـ الاتّجاه الرّسمي: وهو الّذي حمل الفقه والدّين والتّفسير، والّذي يمثّل ظاهر الشّريعة وواقعها على حدّ تعبيره، وكان يتمثّل في أمثال زرارة بن أعين ومحمد بن مسلم وأضرابهما.
2ـ الاتّجاه الباطني: وهو الاتّجاه الّذي سعى لتحويل ظاهر الشّريعة إلى ألغاز باطنيّة ومعانٍ غير مفهومة، وكان يتمثّل في أمثال جابر بن يزيد الجّعفي وسعد بن طريف وأضرابهما.
#ويرى الرّاحل الشّهيد إنّ #الغلو نشأ وترعرع في أحضان هذا الاتّجاه الباطني الأخير، وحيث لم يكن للغلوّ دليل واضح اتّجه الغلاة نحو تأويل القرآن إلى معانٍ باطنيّة بغية الاستدلال على توجّهاتهم وقناعاتهم، ومن هنا لم يتفاعل “رحمه الله” مع الرّوايات الّتي حصرت فهم القرآن بأهل البيت “ع” ونصّت على إنّه مختصّ بمن خوطب به؛ وذهب إلى إنّ [معظم] رواة [صحاح] هذه الرّوايات يُعدّون من ممثّلي الاتّجاه الباطني لا الاتّجاه الرّسمي في مدرسة أهل البيت “ع”، وبالتّالي: فالمظنون به قويّاً وفقاً لمنطق حساب الاحتمال هو: كذب هذه الرّوايات ووضعها، وعدّها من إيحاءات الذّوق السّائد بين روّاد الاتّجاه الباطني من أصحاب أئمّة أهل البيت “ع”، والّذي يسعى إلى تأويل القضايا الدّينيّة بنحو لا يتناسب مع ذوق وفهم وتوجّهات فقهاء ظاهر الشّريعة ممّن أخذنا أحكامنا عنهم… .
#أقول: في عقيدتي إنّ الإثارة أعلاه إذا ما طُبّقت بعناية وتجرّد وموضوعيّة ونزاهة على رواة الرّوايات ونصوصها ستكون من قبيل الباب الّذي ينفتح منه ألف باب… سنتابع قريباً بعض تطبيقاتها بغية إيضاح معالم اتّجاهنا المختار في فهم النّصوص الرّوائيّة ودراسة أحوال رواتها وتوجّهاتهم وميولهم النّفسيّة والفكريّة وغيرها، ليتجلّى للقارئ الطبيعة الدّلاليّة لمفردات من قبيل: الإمامة؛ العصمة؛ الإمام؛ الخمس الشّيعي… إلخ، والله الهادي إلى سبيل الصّواب.