#تصوّر لو كنت تعتزم الزوّاج وقد غمرك الخجل والرّهبة وأنت على موعد لقدوم إمامك جعفر بن محمّد الصّادق “ع” ليقرأ صيغة عقد قرانك بعد أن أخذ توكيلاً من خطيبتك، فدخل الإمام والنّور والسّكينة والوقار بادٍ على وجهه وخطواته، وبعد إجراء مراسم العقد همّ بالخروج فهمس في أذنك قائلاً يا فلان: «ليس للرّجل أن يدخل بإمرأة ليلة الأربعاء» [الكافي: ج5، ص366]؛ ويا فلان: لقد قال جدّي أمير المؤمنين “ع”: «إذا أراد أحدكم أن يأتي أهله فليتوقّ أوّل الأهلّة وأنصاف الشّهور؛ فإنّ الشّيطان يطلب الولد في هذين الوقتين، والشّياطين يطلبون الشّرك فيهما فيجيبئون ويُحبلون» [الخصال: ج1، ص637]؛ يا فلان: إنّ الرّجل إذا دنا من المرأة حضر الشّيطان؛ فإن ذكر اسم الله تنحّى الشّيطان، وإن لم يسمّ شاركه الشّيطان في فعله فكان الفعل منهما معاً والنّطفة واحدة، فقلت له: سيّدي ومولاي بأيّ شيء يُعرف هذا؟! فأجابك “ع”: «بحبّنا وبغضنا» [تهذيب الأحكام: ج7، 407].
#نعم؛ خرج الإمام وبقيت تفكّر بينك وبين نفسك، فجالت في بالك مجموعة أسئلة تمنّيت لو طرحتها على الإمام قبل خروجه؛ فالّليلة ليلة أربعاء، وغداً هو أوّل الشّهر، فهل ستؤجّل زفافك كما طلب الإمام منك أم ستفكّر في مندوحة أخرى؟! وهل ستتذكّر حقاً التّسمية الّتي دعاك الإمام إليها في تلك الّلحظات؟! تُرى هل إنّ أباك وجميع من حولك قد شاركهم الشّيطان في فعلهم فخرجت أنت وأقرانك لأنّهم لم يُسمّوا جزماً؟! و كيف كان حبّ النّاس وبغضهم لأهل البيت “ع” علامة ومجسّاً نستكشف من خلاله مشاركة الشّيطان لآبائهم في هذا العمل الغريزي وانتفاء ذلك؟! وأخيراً: ألا يقولون إنّ زواج عليّ من فاطمة كان في أوّل الشّهر، فكيف يأمرني الأمير “ع” باتّقاء ذلك؟! ففسد مزاجك وفسد زواجك وأسودّت الدّنيا في عينيك، وتذكّرت أبا العلاء المعرّي الّذي قضى حياته عازباً كما يقولون.
#تنوير هامّ: اقتصرنا في عرضنا لوصايا الإمام “ع” على نصوص الرّوايات المعتبرة عند معظمهم والّتي أفتوا على أساسها أيضاً وأغفلنا جملة منها، وعدّلنا في نصّ الرّواية الثّالثة مراعاة للحياء العامّ ويمكن مراجعة نصّها الأصلي في مصدرها؛ وعليه: فلا مجال للمناقشة في أسانيد ما ذكرناه كما هو جهد العاجزين عن الذّهاب إلى العمق في مناقشة أمثال هذه القضايا؛ لذا وجب التّنويه.