#منحت الدولة الصفوّية منصب شيخ الإسلام إلى كبار فقهاء الشّيعة آنذاك، وهي وظيفة كبيرة ومنصب عال تعاقب عليه فقهاء عظام لا زالت آراؤهم ومؤلّفاتهم حاضرة بقوّة في حوزاتنا العلميّة، وفي أيّام الشّاه عبّاس الصفوي الثّاني أُسند هذا المنصب الرّفيع في مدينة أصفهان إلى الفقيه: محمد باقر السّبزواري”1608ـ 1679م”، مؤلّف كتابي ذخيرة المعاد وكفاية الأحكام، بالإضافة […]
#منحت الدولة الصفوّية منصب شيخ الإسلام إلى كبار فقهاء الشّيعة آنذاك، وهي وظيفة كبيرة ومنصب عال تعاقب عليه فقهاء عظام لا زالت آراؤهم ومؤلّفاتهم حاضرة بقوّة في حوزاتنا العلميّة، وفي أيّام الشّاه عبّاس الصفوي الثّاني أُسند هذا المنصب الرّفيع في مدينة أصفهان إلى الفقيه: محمد باقر السّبزواري”1608ـ 1679م”، مؤلّف كتابي ذخيرة المعاد وكفاية الأحكام، بالإضافة إلى منصب إمام الجّمعة والجّماعة، وقد بقي منصب المشيخة بيد أحفاده يتوارثونه جيلاً بعد جيل. [طبقات أعلام الشّيعة: ج8، ص71].
#ولهذا الفقيه رأي متنوّر في الخمس الشيّعي؛ إذ رأى إباحته وسقوطه في عصر الغيبة مطلقاً، كما أكّد هذا المعنى بوضوح في كتابه كفاية الأحكام حينما قال: «وللأصحاب اختلاف كثير في أمر الخمس [الشّيعي] في زمان الغيبة، والقول بإباحته فيه مطلقاً لا يخلو عن قوّة…». [ج1، ص222]. وأكّد ذلك في ذخيريته أيضاً فقال: «وبالجملة القول بإباحة الخمس #مطلقاً في زمان الغيبة لا يخلو عن قوة» [ج2، ص492].
#وقد تسأل: لماذا ذهب هذا الفقيه إلى هذا الرأي وناصره بعض معاصريه مع إنّ كثير من الفقهاء لا يرى ذلك، أ ليست النصوص هي النّصوص، فهل يُعقل أن يفهم فقيه الإباحة ويفهم آخر ما يناقضها تماماً؟!
#والجّواب: بغض النّظر عن الأسباب العلميّة الّتي تُطرح في تفسير ذلك، وبغض النّظر عن الاستثناءات الّتي قد يختلف موقفها ولها تفسير آخر، ولكن في عقيدتي: إنّ فهم النّصوص الروائيّة في الخمس الشّيعي يتأثّر لا محالة بالظّروف الاقتصاديّة والدينيّة الّتي تحيط بالفقيه؛ فإذا كان هناك انتعاش اقتصادي ديني تؤمّنه دولة شيعيّة منحها فقهاء الشّيعة المشروعيّة، وتتحمّل مسؤوليّاتها في توفير الموارد الماليّة الوافية لطلّاب العلم لإحياء تعاليم الدّين الحنيف والمذهب الشّريف فمن الطّبيعي أن يشمّ هذا الفقيه من نصوص تشريع هذا الّلون من الخمس إباحته في عصر الغيبة بل ويحتمل قويّاً ذلك [مع استبعاد عنصر التّقيّة من الحوزة والفقهاء الآخرين]؛ #ولكن حينما يعيش هذا الفقيه خارج بلاط الحكومة فضلاً عمّا إذا كانت غير شرعيّة فمن الطّبيعي جدّاً أن يقرّر ضرورة أن تكون الحوزة مستقلّة عن الدّولة في قراراتها، ولا بدّ من تأمين رواتب مستقلّة لطلّابها ومشاريعها، وعلى هذا الأساس فسوف يكون فهمه لنصوص الخمس الشّيعي بطريقة الوجوب السّرمدي الخالد، بل يشترط على مقلّديه أن لا يدفعوا إلى الفقيه الآخر قرشاً واحداً من هذا الخمس إلّا بإجازته؛ لأنّ لديه استحقاقات شهريّة من رواتب لطلّاب الحوزة إلى مؤسّسات إلى مساعدات إلى مكاتب…إلخ؛ فإذا لم تؤمّن عن طريق الخمس الشّيعي فعن أيّ طريق تؤمّن؟!
#وكيف ما كان؛ هذه استراحة وجدّتها ضروريّة للمتابعين الّذين قد يشعروا في بعض الأحيان بثقل بحوث الخمس الشّيعي وعدم طراوتها، ونتمنّى أن نتواصل معهم في تقديم ما هو نافع في هذا الخصوص، وبعبارات واضحة وصريحة، والله الهادي إلى سبيل الرّشاد.