شمّاعةُ التكليفِ الشرعيّ

3 أكتوبر 2016
1669
ميثاق العسر

حينما يتصدّى (أ) للمرجعيّةِ، ويطبعُ رسالتَهُ العمليّة، وتُثنى لهُ الوسادةُ بعدَ ذلكَ، يُقسم لكَ صادقاً: إنّ تكليفَهُ الشرعيّ هو الذي دَفعهُ لذلك، وإلا فبينهُ وبينَ ربّهِ غير طالبٍٍ للمرجعيّة، وليسَ له رغبةٌ فيها، ويسوقُ لكَ سيلاً من النصوصِ الشرعيّةِ التي تَطلبُ منهُ الفرارَ من الفُتيا كما يفرُّ الإنسانُ من الأسدِ، , يا مرجعيّة غرّي غيري… […]


حينما يتصدّى (أ) للمرجعيّةِ، ويطبعُ رسالتَهُ العمليّة، وتُثنى لهُ الوسادةُ بعدَ ذلكَ، يُقسم لكَ صادقاً: إنّ تكليفَهُ الشرعيّ هو الذي دَفعهُ لذلك، وإلا فبينهُ وبينَ ربّهِ غير طالبٍٍ للمرجعيّة، وليسَ له رغبةٌ فيها، ويسوقُ لكَ سيلاً من النصوصِ الشرعيّةِ التي تَطلبُ منهُ الفرارَ من الفُتيا كما يفرُّ الإنسانُ من الأسدِ، , يا مرجعيّة غرّي غيري… فتشكرهُ، وتقبّل يدهُ على هذا الشعورِ.
وبعدَ فترةٍ وجيزةٍ يطرحُ (ب) رسالتَهُ العمليّة، ويكتبُ عليها أيضاً: “طلبَ منّي جمعٌ من المؤمنينَ أن أكتبَ رسالتي العمليّة… “، وحينما تسألهُ عن السببِ الذي دعاهُ لذلك؟ يجيبكَ بنفسِ الكلماتِ التي طرحها المرجعُ السابقُ (أ) المعاصر لهُ، فالتكليفُ والواجبُ الدينيّ، والشعورُ بالمسؤوليّةِ العميقِ… كلُّ هذا الأمورِ تكمنُ وراءَ طباعةِ هذهِ الرسالةِ، والتصدّي، وفتحِ المكاتبِ، واستلامِ الحقوقِ، وجبايةِ الأموالِ… .
وحينما نقرأُ الرسالةَ العمليّةَ للمرجعِ الثاني نجدها لا تختلف عن رسالةِ المرجعِ الأوّلِ حتّى في عددِ السطورِ والكلماتِ، بل هي نفسها حتّى بالصياغاتِ والألفاظِ، وهنا نتساءلُ:
إذا كانَ التكليفُ الشرعيُّ هو الذي دعا لطباعةِ الرسالةِ العمليّةِ من المرجعِ الثاني، فهذا التكليفُ سقطَ عنهُ بنفسِ الرسالةِ العمليّةِ للمرجعِ الأوّلِ؛ إذ إنّ الإفتاءَ واجبٌ كفائيٌّ، والمفروضُ إنّ هذا الواجب سقطَ عنه بنفسِ الرسالةِ العمليّةِ للمرجعِ الأوّلِ؛ فالفتاوى عينُها ونفسُها، والمكلّفونَ يعملون بها دونَ فرقٍ بينَ الأحكامِ في الرسالتينِ. كما لا يشترطُ اللهُ في قبولِ هذهِ الأعمالُ من المكلّفِ أن ينوي حينَ أداءِها إنّهُ يقلّدُ فلاناً أو فلاناً كما يحاولُ بعضُ التُجّارِ أن يصوّرَ ذلكَ، فلماذا نكرّرُ طباعةَ الرسالةِ العمليّةِ إذن؟!
وحينما نأتي إلى المشاريعِ الدينيّةِ التي يُحتملُ أن تكونَ هي الدافعُ وراءَ التصدّي وكتابةِ الرسالةِ العمليّةِ وطباعتِها وتوزيعِها بآلافِ النسخِِ، فنجدُ إنّ مشاريعَ المرجعِ الثاني نفسُها عندِ المرجعِ الأوّلِ، لا تختلفُ ولا تتخلّفُ، وتقتصرُ على استلامِ الحقوقِ الشرعيّةِ وتوزيعِها على محتاجِيها، فلماذا لا نحصرُ المرجعيّةَ بواحدٍ إذن؟!
أمّا المراجع الذين يرونَ إن دورَهم في عصرِ الغيبةِ لا يقتصرُ على كتابةِ الرسالةِ العمليّةِ، فالكلامُ فيهم نفسُ الكلامِ؛ فمضافاً إلى أنّ دورَهم من الناحيةِ العمليّةِ واحدٌ لا يختلفُ عن دورِ المراجعِ الذينَ قَصِروا دورَهم على كتابةِ الرسالةِِ؛ نجدُ تكراراً للأدوارِ أيضاً تحتَ ذريعةِ التكليفِ الشرعيّ؛ فما دامَ المرجعُ الأوّل يمارسُ هذه الأدوارُ، فما الحاجةُ لتكرارِ هذهِ الأدوار من المرجع الثاني؟!
وسؤالي للأبطالِ كما يصفهمُ المظفّرُ: ما هي قصّةُ التكليفُ الشرعيّ التي تنقحّونَ من خلالها موضوعاً للفقيهِ لكي يطبعَ رسالتَهُ العمليّة مع وجودِ عشراتِ الرسائلِ العمليّةِ الأخرى التي تحملُ نفسَ الصياغاتِ ونفسَ المضامينِ أيضاً؟!
أتمنّى من المتابعينَ الأعزّاء أن يتأمّلوا في هذا الكلام كثيراً كثيراً، وأن لا يكتفوا بسماعِ الأجوبةِ الجاهزةِ التي صُكّت آذانهم منها حين الاستفسارِ من الأبطالِ.


تنطلق إجابات المركز من رؤية مقاصدية للدين، لا تجعله طلسماً مطلقاً لا يفهمه أحد من البشرية التي جاء من أجلها، ولا تميّعه بطريقةٍ تتجافى مع مبادئه وأطره وأهدافه... تضع مصادره بين أيديها مستلّةً فهماً عقلانياً ممنهجاً... لتثير بذلك دفائن العقول...